كيف قدر مضافا ليصح (١) المعنى به ، أي : رعي ثماني حجج ، لأن العمل هو الذي تقع به الإثابة لا نفس الزمان ، فكيف يوجه الإجارة على الزمان (٢)؟
(قوله) (٣)(فَمِنْ عِنْدِكَ) يجوز أن يكون في محل رفع خبرا لمبتدأ محذوف تقديره : فهي من عندك ، أو نصب أي : فقد زدتها أو تفضلت بها من عندك (٤).
فصل
معنى الآية : أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تكون أجيرا لي ثمان سنين قال الفراء(٥): أي تجعل ثوابي من تزويجها أن ترعى غنمي ثماني حجج (٦) ، تقول العرب : أجرك الله بأجرك ، أي : أثابك والحجج : السّنون ، واحدها حجّة.
(فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً) أي : عشر سنين (فَمِنْ عِنْدِكَ) أي : ذلك تفضل منك وتبرع ليس بواجب (٧) عليك (٨). واعلم أن هذا اللفظ ـ وإن كان على الترديد ـ فلا شبهة أنه عند التزويج عين ، ولا شبهة في أن العقد وقع على أقل الأجلين ، والزيادة كالتبرع (٩). ودلت الآية على أنّ العمل قد يكون مهرا كالمال ، وعلى أن إلحاق الزيادة بالثمن والمثمّن جائز ، ولكنه (١٠) شرع من قبلنا (١١) ، ودلّت أيضا على أنه يجوز أن يشرط الوليّ ، وعلى أنّ عقد النكاح لا تفسده الشروط التي لا يوجبها العقد (١٢). (واستدل بعض الحنفية بهذه الآية على صحة بيع أحد هذين العبدين ، أو الثوبين ، وفيه نظر ، لأنها مراضاة لا معاقدة. ودلت الآية أيضا على صحة الإجارة بالطعمة والكسوة ، كما جرت به العادة ، ويؤيده قوله عليهالسلام : «إن موسى أجر نفسه ثماني سين أو عشرة على عفة فرجه وطعام بطنه». وهو مذهب الحنابلة قاله ابن كثير (١٣).
فصل
قال النووي : الإجارة بكسر الهمزة هو المشهور ، وحكى الرافعي (١٤) أن الجياني (١٥) حكى في الشامل أيضا ضم الهمزة ، قال أهل اللغة : وأصل الأجر الثواب ،
__________________
(١) في الأصل : يصح.
(٢) الدر المصون ٥ / ٢١٦.
(٣) ما بين القوسين بياض في الأصل.
(٤) انظر التبيان ٢ / ١٠١٩.
(٥) قال الفراء : سقط من الأصل.
(٦) معاني القرآن ٢ / ٣٠٥.
(٧) في ب : بواحد. وهو تحريف.
(٨) انظر البغوي ٦ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٤٢.
(١٠) في ب : ولكن.
(١١) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٤٢.
(١٢) المرجع السابق.
(١٣) انظر تفسير ابن كثير ٣ / ٣٨٥.
(١٤) هو عبد الكريم بن محمد الرافعي ، فقيه شافعي قزويني ، تضلع في المذهب والعلوم الإسلامية وله مشاركة في التاريخ واللغة ، من كتبه : فتح العزيز في شرح الوجيز للغزالي ، والتدوين في أخبار قزوين.
مات سنة ٦٢٣ ه. المنجد في الأعلام (٢٦٠).
(١٥) في النسختين : الحار. والتصويب من تهذيب الأسماء واللغات للنووي ص ٤.