باق أيضا ، ولذلك نقله عن غيره (١) ، وقال المبرد : وقد علم أنه لا عدوان عليه في أيهما ، ولكن جمعهما ليجعل الأول كالأتمّ في الوفاء (٢).
فصل
قال المفسرون : المعن ى «أي الأجلين قضيت» أتممت وفرغت منه الثماني أو العشر ، (فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ) لا ظلم عليّ بأن أطالب بأكثر (وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) قال مقاتل (٣) : شهيد فيما بيني وبينك ، وقيل : حفيظ (٤) ، ولما استعمل الوكيل بمعنى الشاهد عدّي ب (على) (٥) قال سعيد بن جبير : سألني يهودي من أهل الحيرة : أيّ الأجلين قضى موسى؟ قلت : لا أدري حتى أقدم على حبر العرب فأسأله ، فقدمت فسألت ابن عباس فقال : قضى أكثرهما وأطيبهما ، إن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم إذا قال فعل (٦). وروي عن أبي ذر مرفوعا «إذا سئلت أيّ الأجلين قضى موسى؟» فقل (٧) خيرهما وأبرّهما ، وإذا سئلت أيّ المرأتين تزوّج موسى؟ فقل الصغرى منهما (٨) ، وهي التي جاءت فقالت: (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ) فتزوج صغراهما ، وقضى أوفاهما» (٩). وقال (١٠) وهب : أنكحه الكبرى(١١). ولمّا تعاقدا العقد بينهما أمر شعيب ابنته أن تعطي موسى عصا يدفع (١٢) بها السباع عن غنمه ، واختلفوا في تلك العصا.
فقال عكرمة : عرج بها آدم من الجنة ، فأخذها جبريل بعد موت آدم ، فكانت معه حتى لقي بها موسى ليلا ، فدفعها إليه ، وقيل : كانت من آس الجنة حملها آدم من الجنة ، فتوارثتها الأنبياء ، وكان لا يأخذها غير نبي ، فصارت من آدم إلى نوح ، ثم إلى إبراهيم حتى وصلت إلى شعيب ، فكانت عصا الأنبياء عنده فأعطاها موسى (١٣) ، وقال السّدي : كانت تلك العصا استودعها إياه ملك في صورة رجل فأمر ابنته أن تأتيه بعصا ، فدخلت ، فأخذت العصا فأتته بها ، فلما رآها شعيب قال لها : ردّي هذه العصا ، وأتيه بغيرها ، فدخلت وألقتها ، وأرادت أن تأخذ غيرها ، فلا تقع (١٤) في يدها إلا هي ، حتى فعلت ذلك ثلاث مرات ، فأعطاها موسى ، وأخرجها موسى معه (١٥) ، ثم إن الشيخ ندم وقال : كانت وديعة فذهب في أثره فطلب أن يرد العصا ، فأبى موسى أن يعطيه وقال : (هِيَ عَصايَ)
__________________
(١) الدر المصون ٥ / ٣١٧.
(٢) انظر البحر المحيط ٧ / ١١٥.
(٣) في ب : قال ابن عباس ومقاتل.
(٤) انظر البغوي ٦ / ٣٣٤.
(٥) انظر الكشاف ٣ / ١٦٤.
(٦) أخرجه البخاري (شهادات) ٢ / ١٠٩ ، وانظر البغوي ٦ / ٣٣٤ ـ ٣٣٥.
(٧) في ب : فقيل.
(٨) في ب : فقيل أصغرهما.
(٩) انظر البغوي ٦ / ٣٣٥ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٣٨٦.
(١٠) وقال : سقط من ب.
(١١) انظر البغوي ٦ / ٣٣٥.
(١٢) في ب : فدفع. وهو تحريف.
(١٣) انظر البغوي ٦ / ٣٣٥ ـ ٣٣٦.
(١٤) في ب : تمنع. وهو تحريف.
(١٥) في ب : معها. وهو تحريف.