[طه : ١٨] ، فرضي أن يجعلا بينهما أول رجل يلقاهما ، فلقيهما ملك في صورة رجل ، فحكم أن تطرح العصا فمن حملها فهي له فطرح موسى العصا فعالجها الشيخ ليأخذها ، فلم يطقها ، فأخذها موسى بيده ، فرفعها فتركها له الشيخ (١) ثم إن موسى لما أتم الأجل وسلم شعيب ابنته إليه (٢) ، قال مجاهد : لما قضى موسى الأجل مكث بعد ذلك (عند صهره عشرا) (٣) أخرى فأقام (٤) عنده عشرين سنة ، ثم استأذنه في العود إلى مصر ، فأذن له فخرج بأهله إلى جانب الطور (٥).
قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٣٠) وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (٣١) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ)(٣٢)
«آنس» أي : أبصر (مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً) وكان في (٦) البرية في ليلة مظلمة شديدة البرد وأخذ امرأته الطلق ، فقال (لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ) عن الطريق لأنه كان قد أخطأ الطريق (٧).
قوله (أَوْ جَذْوَةٍ) قرأ حمزة (٨) بضم الجيم ، وعاصم بالفتح ، والباقون بالكسر (٩) وهي لغات في العود الذي في رأسه نار (١٠) ، هذا هو المشهور ، قال السّلمي (١١) :
٣٩٩١ ـ حما حبّ هذي النّار حبّ خليلتي |
|
وحبّ الغواني فهو دون الحباحب |
وبدّلت بعد المسك والبان شقوة |
|
دخان الجذا في رأس أشمط شاحب (١٢) |
__________________
(١) انظر البغوي ٦ / ٣٣٦.
(٢) انظر البغوي ٦ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧.
(٣) ما بين القوسين في ب : عنده عشر.
(٤) في الأصل : وأقام.
(٥) انظر البغوي ٦ / ٣٣٨.
(٦) في : سقط من ب.
(٧) انظر البغوي ٦ / ٣٣٨.
(٨) حمزة : سقط من ب.
(٩) السبعة (٤٩٣) ، الكشف ٢ / ١٧٣ ، النشر ٢ / ٣٤١ ، الإتحاف (٣٤٢).
(١٠) قال الزمخشري : (الجذوة باللغات الثلاث ، وقرىء بهن جميعا العود الغليظ كانت في رأسه نار أو لم تكن) الكشاف ٣ / ١٦٥ ، وانظر التبيان ٢ / ١٠١٩.
(١١) هو أشجع بن عمرو السلميّ ، ويكنى أبا الوليد ، من ولد الشريف بن مطرود السلمي. الخزانة ١ / ٢٩٦ ـ ٢٩٩.
(١٢) البيتان من بحر الطويل ، قالهما أشجع بن عمرو السّلمي ، وهما في تفسير ابن عطية ١١ / ٢٩٥ ، البحر المحيط ٧ / ١٠٣.