فصل
قال الزمخشري (١) : في (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ) معنيان :
أحدهما : أنّ موسى عليهالسلام (٢) لمّا قلب الله له العصا حيّة فزع واضطرب واتقاها (٣) بيده كما يفعل الخائف من الشيء ، فقيل له : إنّ اتقاءك بيدك فيه (٤) غضاضة عند الأعداء فإذا ألقيتها وقد انقلبت (٥) حية فأدخل يدك (٦) مكان اتقائك بها ، ثم أخرجها بيضاء ليحصل الأمران : اجتناب ما منه (٧) غضاضة عليك ، وإظهار معجزة أخرى ، والمراد بالجناح اليد ، لأن يد الإنسان بمنزلة جناح الطائر ، وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضد (٨) اليسرى ، فقد ضم جناحه إليه (٩).
(الثاني : أن يراد بضم جناحه (١٠) تجلده وضبطه نفسه وتشدده عند انقلاب العصا حيّة حتى لا يضطرب) (١١) ولا يرهب ، استعارة من فعل الطائر لأنه إذا خاف نشر جناحيه (١٢) وأرخاهما ، وإلا فجناحاه منضمان إليه مستمران ومعنى قوله (مِنَ الرَّهْبِ) أي : من أجل الرهب إذا (١٣) أصابك الرهب عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك (ومعنى (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ)) (١٤) وقوله (اسْلُكْ يَدَكَ) على أحد التفسيرين واحد ، وإنما (١٥) خولف بين العبارتين وكرّر المعنى (١٦) لاختلاف الغرضين ، وذلك أنّ الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء ، وفي الثاني إخفاء الرهب (١٧). قال البغوي : المعنى (١٨) إذا هالك أمر يدك وما ترى من شعاعها ، فأدخلها في جيبك تعد إلى حالتها الأولى ، والجناح اليد كلها وقيل : العضد. وقال عطاء عن ابن عباس : أمره الله (أن يضمّ) (١٩) يده إلى صدره فيذهب عنه ما ناله من الخوف عند معاينة الحية. وقال : ما من خائف بعد موسى إلا إذا وضع يده على صدره زال خوفه.
وقال مجاهد : كل من فزع فضم جناحه إليه ذهب عنه الفزع ، وقيل : المراد من ضم الجناح السكون ، أي : سكّن روعك واحفظ عليك جأشك (٢٠) ، لأن من شأن الخائف أن يضطرب عليه قلبه وترتعد يداه (٢١) ، ومثله قوله : (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ)
__________________
(١) في ب : قال الزمخشري في قوله.
(٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٣) في ب : والواها.
(٤) فيه : سقط من الأصل.
(٥) في الكشاف : فكما تنقلب.
(٦) في الكشاف : يدك تحت عضدك.
(٧) في الكشاف : ما هو.
(٨) في الكشاف : عضد يده.
(٩) في ب : إليها.
(١٠) في الكشاف : جناحه إليه.
(١١) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(١٢) في ب : جناحه.
(١٣) في الكشاف : أي إذا.
(١٤) ما بين القوسين تكملة من الكشاف.
(١٥) في الكشاف : ولكن.
(١٦) في الكشاف : وإنما كرر المعنى الواحد.
(١٧) الكشاف ٣ / ١٦٥ ـ ١٦٦.
(١٨) في ب : معناه.
(١٩) ما بين القوسين سقط من ب.
(٢٠) في الأصل : واخفض عليك جناحك.
(٢١) في الأصل : يديه.