وجواب الشيخ بمنع الملازمة حسن إلا أنه كان ينبغي أن يبدل لفظة الوقف بالابتداء لأنه(١) هو الذي وقع الكلام فيه ، أعني : الابتداء بكلمة [«تلقّف»](٢)(٣).
قوله : (فَأُلْقِيَ) قال الزمخشري : «فإن قلت : فاعل الإلقاء ما هو لو صرّح به؟ قلت: هو الله ـ عزوجل (٤) ـ ، ثم قال : ولك ألّا تقدّر فاعلا ، لأن «ألقوا» (٥) بمعنى : خرّوا وسقطوا» (٦). قال أبو حيان : وهذا ليس بشيء ؛ لأنه لا يبنى الفعل للمفعول إلّا وله فاعل ينوب المفعول به عنه ، أما أنه لا يقدر له فاعل فقول ذاهب عن الصواب (٧).
فصل
تقدم الكلام على نظير هذه الآية (٨) ، واعلم أن السحرة لما شاهدوا أمرا خارجا عن حدّ السحر لم يتمالكوا أن رموا بأنفسهم إلى الأرض ساجدين و (قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ)(٩).
قوله : (رَبِّ مُوسى وَهارُونَ). عطف بيان ل «رب (الْعالَمِينَ) لأن فرعون كان يدعي الربوبية فأرادوا (١٠) عزله. ومعنى إضافته إليهما في ذلك المقام : أنه الذي دعا موسى وهارون ـ عليهماالسلام (١١) ـ إليه (١٢).
قوله تعالى : (قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (٤٩) قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٥٠) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ)(٥١)
قوله : (قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) الآيات. لما آمنوا بأجمعهم لم يأمن فرعون أن يقول قومه : إن هؤلاء السحرة على كثرتهم وبصيرتهم لم يؤمنوا إلا عن معرفة بصحة أمر موسى ـ عليهالسلام (١٣) ـ فيسلكون (١٤) طريقهم ، فلبّس على القوم وبالغ في التنفير عن موسى من وجوه :
أحدها : قوله : (قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ). والمعنى : إن مسارعتكم إلى الإيمان به دالة
__________________
(١) في ب : إلا أنه. وهو تحريف.
(٢) الدر المصون ٥ / ١٥٤.
(٣) ما بين القوسين في الأصل : ما تلقف.
(٤) في ب : هو الله تعالى.
(٥) في النسختين : ألقى.
(٦) الكشاف ٣ / ١١٤.
(٧) البحر المحيط ٧ / ١٦.
(٨) عند قوله تعالى : «وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ» [الأعراف : ١١٧].
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٣٤.
(١٠) في النسختين : فأراد. والتصويب من الفخر الرازي.
(١١) في ب : عليهما الصلاة والسلام.
(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٣٥.
(١٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٤) في ب : ويسلكون.