قال : لأنه ليس في الخبر زيادة فائدة على ما في صفته ، قال : فإن قلت : قد أوصل بقوله كما غوينا وفيه زيادة ، قلت : الزيادة في الظرف (١) لا يصيّره أصلا في الجملة لأنّ الظروف (٢) صلات (٣) ، ثم أعرب هو «هؤلاء» مبتدأ و (الَّذِينَ أَغْوَيْنا) خبره ، و «أغويناهم» مستأنف ، وأجاب أبو البقاء وغيره عن الأول بأن الظرف قد يلزم كقولك زيد عمرو في داره (٤).
فصل
المعنى : هؤلاء الذين دعوناهم إلى الغي وهم الأتباع (أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا) أضللناهم كما ضللنا (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ) منهم.
قوله : (ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) إيّانا مفعول (يَعْبُدُونَ) قدّم لأجل الفاصلة (٥) وفي «ما» وجهان :
أحدهما : هي نافية (أي تبرأ الذين اتّبعوا من الذين اتّبعوا) (٦).
والثاني (٧) : مصدرية ولا بدّ من تقدير (٨) حرف جرّ أي : تبرأنا مما كانوا أي من عبادتهم إيانا ، وفيه بعد (٩).
قوله : (وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) أي : وقيل للكافرين ادعوا شركاءكم ، أي : الأصنام لتخلصكم من العذاب «فدعوهم» (فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا)(١٠) لهم لم يجيبوهم ، والأقرب أن هذا على سبيل التقريع ، لأنهم يعلمون أنه لا فائدة في دعائهم لهم (١١).
قوله : (لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا) جوابها محذوف أي : لما رأوا العذاب ، أو لدفعوه ، قال الضحاك(١٢) ومقاتل : يعني المتبوع والتابع يرون العذاب ولو أنهم كانوا يهتدون في الدنيا ما أبصروا في الآخرة ، وقيل : لو أنهم كانوا مهتدين في الدنيا لعلموا أنّ العذاب حق ، وقيل : لو كانوا (١٣) يهتدون لوجه من وجوه الحيل لدفعوا به العذاب. وقيل قد آن لهم أن
__________________
(١) في ب : الظرف. وهو تصحيف.
(٢) في الأصل : الظرف.
(٣) انظر التبيان ٢ / ١٠٢٤ ، البحر المحيط ٧ / ١٢٨.
(٤) قال أبو البقاء : (وقال غيره ، وهو الوجه الثاني : لا يمتنع أن يكون «هؤلاء» مبتدأ و «الذين» صفة ، و «أغويناهم» الخبر من أجل ما اتصل به ، وإن كان ظرفا ، لأن الفضلات في بعض المواضع تلزم كقولك : زيد «عمرو» في داره). التبيان ٢ / ١٠٢٤.
(٥) في ب : المفاصلة.
(٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(٧) في النسختين : والثانية.
(٨) في ب : تقدم. وهو تحريف.
(٩) ذكر الوجهين ابن الأنباري في البيان ، وعقب بقوله : (والوجه الأول أوجه الوجهين) ، البيان ٢ / ٢٣٥ ، وانظر التبيان ٢ / ١٠٢٤.
(١٠) ما بين القوسين في ب : فليستجيبوا.
(١١) انظر الفخر الرازي ٢٥ / ٩.
(١٢) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٥ / ٩.
(١٣) في ب : لو أنهم.