وحقهم (١) أن يقفوا على الكاف كما فعل أبو عمرو ، ومن قال بهذا استشهد بالبيتين المتقدمين ، فإنه يحتمل أن يكون الأصل فيهما «ويلك» فحذف ولم يرسم في القرآن إلا (وَيْكَأَنَّ) (وَيْكَأَنَّهُ) (٢) متصلة في الموضعين (٣). فعامّة القرّاء اتبعوا الرسم ، والكسائي وقف على «وي» وأبو عمرو على «ويك» (٤) وهذا كله في وقف الاختيار دون الاختبار كنظائر تقدمت (٥).
الخامس : أنّ ويكأنّ كلها كلمة مستقلة بسيطة ومعناها «ألم تر» (٦) وربّما نقل ذلك عن ابن عباس (٧) ، ونقل الكسائي والفراء أنها بمعنى : أما ترى إلى صنع الله ، قال الفراء : هي كلمة تقرير ، وذكر أنه أخبره (٨) من سمع أعرابيه تقول لزوجها : أين ابنك؟ قال : وي كأنّه وراء البيت ، يعني : أما ترينه وراء البيت (٩) ، وحكى ابن قتيبة أنها بمعنى : رحمة لك في لغة حمير (١٠).
قوله : (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ) قرأ الأعمش «لو لا من» بحذف «أن» وهي مرادة ، لأن لولا هذه لا يليها إلا المبتدأ (١١) ، وعنه «منّ» برفع النون وجر الجلالة ، وهي واضحة (١٢).
قوله : «لخسف» قرأ حفص : «لخسف» مبنيا للفاعل أي الله تعالى ، والباقون ببنائه للمفعول (١٣) ، و «بنا» هو القائم مقام الفاعل ، وعبد الله وطلحة لانخسف بنا (١٤) أي : المكان ، وقيل : «بنا» هو القائم مقام الفاعل كقولك : انقطع بنا (١٥) ، وهي عبارة رديئة وقيل : الفاعل (١٦) ضمير المصدر أي : لانخسف الانخساف (١٧) وهي عنه أيضا ، وعن
__________________
(١) في ب : فحذف اللام ، وإنما جاز هذا الحذف لكثرتها في الكلام ، وجعل (أن) مفتوحة بفعل مضارع مضمر كأنه قال : ويلك اعلم ، وحقهم.
(٢) في ب : إلا ويكأن مكانه. وهو تحريف.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ٢ / ٣١٢.
(٤) انظر تفسير ابن عطية ١١ / ٣٤٥.
(٥) في ب : وهذا كله في وقف الاختيار كنظائره وتقدمت.
(٦) عزاه ابن خالويه إلى أبي زيد فإنه قال : (وقال أبو زيد : «ويكأنّ» حرف واحد) المختصر (١١٤).
(٧) انظر البحر المحيط ٧ / ١٣٥.
(٨) في ب : أخبر.
(٩) معاني القرآن ٢ / ٣١٢.
(١٠) انظر تأويل مشكل إعراب القرآن (٥٢٧).
(١١) في ب : بالمبتدأ.
(١٢) المختصر (١١٤) ، تفسير ابن عطية ١١ / ٣٤٤ ، البحر المحيط ٧ / ١٣٥.
(١٣) السبعة (٤٩٥) ، الكشف ٢ / ١٧٥ ـ ١٧٦ ، النشر ٢ / ٣٤٢ ، الإتحاف ٣٤٤.
(١٤) المختصر (١١٤) ، تفسير ابن عطية ١١ / ٣٤٥ ، البحر المحيط ٧ / ١٣٥.
(١٥) قال أبو حيان : (وابن مسعود ، وطلحة ، والأعمش : «لا نخسف بنا» كقولك : انقطع بنا ، كأنّه فعل مطاوع ، والمقام مقام الفاعل هو «بنا») البحر المحيط ٧ / ١٣٥.
(١٦) الفاعل : سقط من ب.
(١٧) قال أبو حيان : (ويجوز أن يكون المصدر ، أي : لا نخسف الانخساف ، ومطاوع فعل لا يتعدى إلى مفعول به ، فلذلك بني إما ل «بنا» ، وإما للمصدر) البحر المحيط ٧ / ١٣٥ ـ ١٣٦.