سورة العنكبوت
مكية (١) إلا عشر آيات من أولها إلى قوله : (وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ). قال الشّعبيّ (٢) : فإنها مدنية. وهي تسع وستون آية ، وألف وتسعمائة وإحدى وثمانون كلمة ، وأربعة آلاف ومائة وخمسة وتسعون (حرفا) (٣).
قوله تعالى : (الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ)(٣)
اعلم أن منكري الحشر يقولون لا فائدة في التكاليف ، فإنها مشاق في الحال ، ولا فائدة لها في المآل ؛ إذ لا مآل ولا مرجع بعد الهلاك والزوال ، فلما بين الله تعالى أنهم إليه يرجعون في آخر السورة قبلها (٤) بين أن الأمر ليس على ما حسبوه ، بل (حسن التكليف) (٥) ، لأنه يهذب الشكور ويعذب الكفور ، فقال : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) غير مكلفين من غير عمل يرجعون به إلى ربهم.
فصل في حكمة افتتاح هذه السّور (٦) بحروف التّهجّي
ولنذكر كلاما كلّيّا في افتتاح السور بالحروف.
اعلم أن الحكيم إذا خاطب من يكون محل الغفلة ، أو من يكون مشغول البال بشغل يشغله يقدم على الكلام المقصود سببا غيره ليلتفت المخاطب (إليه) (٧) بسببه ، ويقبل بقلبه عليه ، ثم يشرع في المقصود.
واعلم أن ذلك المتقدم على الكلام (المقصود (٨) قد يكون كلاما له معنى مفهوما ، كقول القائل: «زيد ، ويا زيد» و «ألا زيد».
__________________
(١) أحد ثلاثة أقوال في كونها مكية أو مدنية ، فمن قائل : إنها مكية كلها ، ومن قائل : إنها مدنية كلها ومن قائل : هذا القول الأعلى ومنهم الشعبي ، وينظر : فتح القدير للشوكاني ٤ / ١٩١ دار إحياء التراث العربي ببيروت ، والقرطبي ١٣ / ٣٢٣ الهيئة العامة للكتاب ٨٧ ، والبحر المحيط لأبي حيان دار الفكر الطبعة الثانية ١٩٨٣ (٧ / ١٣٨ ، ١٣٩).
(٢) تقدم.
(٣) سقط من ب.
(٤) [القصص : ٨٨] «لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ».
(٥) سقط من «ب» وينظر : في تفسير الرازي ٢٥ / ٢٥.
(٦) في «ب» السورة بالإفراد.
(٧) سقط من «ب».
(٨) سقط من «ب» بسبب انتقال النظر.