قال أبو حيان : «ليست معادلة» ؛ إذ لو كانت كذلك لكانت متصلة ، ولا جائز أن تكون متصلة لفقد شرطين :
أحدهما : أن ما بعدها ليس مفردا ، ولا ما في قوته.
والثاني : أنه لم يكن هنا ما يجاب به من أحد شيئين أو أشياء (١).
وجوز الزمخشري في «حسب» هذه أن تتعدى لاثنين ، وجعل «أن» وما في خبرها سادة مسدهما ، كقوله : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ) [البقرة : ٢١٤] ، وأن تتعدى لواحد على أنها مضمنة معنى «قدر» (٢) ، إلا أن التضمين لا ينقاس (٣).
قوله : (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) يجوز أن تكون «ساء» بمعنى بئس فتكون «ما» إما موصولة بمعنى الذي ، و «يحكمون» صلتها ، وهي فاعل ساء ، والمخصوص بالذم محذوف أي حكمهم (٤).
ويجوز أن تكون «ما» تمييزا ، و «يحكمون» صفتها ، والفاعل مضمر يفسره «ما» والمخصوص أيضا محذوف (٥).
ويجوز أن تكون ساء بمعنى قبح ، فيجوز في «ما» أن تكون مصدرية ، وبمعنى الذي ، ونكرة موصوفة (٦) ، وجيء ب «يحكمون» دون «حكموا» إما للتنبيه على أن هذا ديدنهم وإما لوقوعه موقع الماضي لأجل الفاصلة.
ويجوز أن تكون ما مصدرية وهو قول ابن كيسان (٧) فعلى هذا يكون التمييز محذوفا ، والمصدر المؤوّل مخصوص بالذم أي ساء حكما حكمهم (٨).
__________________
(١) بالمعنى من البحر له ٧ / ١٤٠ وباللفظ من الدر المصون ٤ / ٢٩٣.
(٢) وعلى هذا فأم منقطعة قال في الكشاف ٣ / ١٩٦ : فإن قلت : أين مفعولا حسب؟ قلت : اشتمال صلة أن على مسند ومسند إليه سد مسد مفعولين ، كقوله تعالى :«أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ»ويجوز أن يضمن حسب معنى قدر وأم منقطعة.
(٣) قاله السمين في الدر ٤ / ٢٩٣.
(٤) نقله في التبيان ٢ / ١٠٢٩ وإعراب القرآن للنحاس ٣ / ٢٤٨ ، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ١٦٠.
(٥) الدر المصون ٤ / ٢٩٣.
(٦) المرجع السابق ومشكل إعراب القرآن ٢ / ١٦٦.
(٧) هو أبو الحسن محمد بن أحمد بن كيسان النحوي ، كان أحد المشهورين بالعلم ، والمعروفين بالفهم أخذ عن المبرد ، وثعلب ، وكان قيما بمذهب البصريين والكوفيين ، له المهذب في النحو ، وشرح السبع الطوال إلى غير ذلك ، مات سنة ٢٩٩ ه ، انظر : النزهة ١٦٢ ، ١٦١.
(٨) إعراب النحاس ٢ / ٢٤٨ ، والمشكل المرجع السابق ، والبحر المحيط ٧ / ١٤١ ، والقرطبي ١٣ / ٣٢٧.
وقد نقل القرطبي قولا عن ابن كيسان : قال أبو الحسن بن كيسان : وأنا أختار أن أجعل ل «ما» موضعا في كل ما أقدر عليه نحو قوله عزوجل فيما رحمة من الله لنت لهم ، وكذا : فبما نقضهم ميثاقهم ، وكذا (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) القرطبي ١٣ / ٣٢٧.