وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٢) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ)(١٣)
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا) قال مجاهد : هذا قول كفار مكة لمن آمن منهم وذلك أن الكافر يقول للمؤمن تصبر في الذل ، وعلى الإيذاء (١) لأي شيء ولم لا تدفع عن نفسك الذل والعذاب بموافقتنا فيجيبه المؤمن بأن يقول خوفا من عذاب الله على خطيئة مذهبكم فقالوا : لا خطيئة فيه وإن كان فيه خطيئة فعلينا (٢).
قوله : (وَلْنَحْمِلْ) أمر في معنى (٣) الجنس ، قال الزمخشري : وهو في معنى (٤) من يريد اجتماع أمرين في الوجهين فيقول : ليكن منك العطاء ، ومني الدعاء.
فقوله : (وَلْنَحْمِلْ) أي ليكن منا الحمل ، وليس هو في الحقيقة أمر طلب وإيجاب وقرأ الحسن (٥) وعيسى بكسر لام الأمر (٦) ، وهو لغة الحجاز قال الزمخشري : «وهذا قول صناديد (٧) قريش كانوا يقولون لمن آمن منهم لا نبعث نحن ، ولا أنتم ، فإن عسى كان ذلك فإنا نتحمل (عنكم الإثم) (٨). قال أبو حيان : «هذا تركيب (٩) عجمي من جهة إدخال حرف الشرط وهي جامدة واستعمالها من غير اسم ، ولا خبر ، وإيلائها كان». وقرأ العامة «خطاياكم» (١٠) ، وداود بن هند (١١) : «من خطيئاتهم» (١٢) جمع سلامة ، وعنه أيضا : «خطيئتهم» بالتوحيد (١٣) والمراد الجنس ، وهذا شبيه بقراءتي : (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ)(١٤) و «خطيئاته» وعنه أيضا : «خطئهم» (١٥) ـ بفتح الطاء وكسر الياء ، يعني بكسر الهمزة القريبة من الياء لأجل تمهيدها بين بين ، و (مِنْ شَيْءٍ) وهو مفعول بحاملين و (مِنْ خَطاياهُمْ) لما تقدم عليه انتصب حالا.
فصل
معنى الآية اتبعوا سبيلنا أي ديننا وملة آبائنا ، ونحن الكفلاء بكل تبعية من الله
__________________
(١) في ب : الأذى بالقصر.
(٢) بالمعنى من البحر المحيط ٧ / ١٤٣.
(٣) انظر الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ١٦١.
(٤) انظر : الكشاف ٣ / ١٩٩ بالمعنى.
(٥) الحسن : الحسن البصري بن أبي الحسن أبو سعيد مولى زيد بن ثابت ، روى عن عمران بن حصين ، وأبي موسى ، وابن عباس وعنه ابن عوف ، وأمم ، كان رأسا في العلم مات سنة ١١٠ ، انظر طبقات الداودي ١ / ١٥٠ ، ١٥١.
(٦) الإتحاف ٣٤٤ ، والبحر المحيط ٧ / ١٤٣ ، ومختصر ابن خالويه ١١٤ ، وانظر أيضا الدر المصون ٤ / ٢٩٧.
(٧) انظر : الكشاف ٣ / ١٩٩.
(٨) زيادة يقتضيها السياق من الكشاف المرجع السابق.
(٩) انظر : البحر المحيط ٧ / ١٤٣.
(١٠) البحر المحيط ٧ / ١٤٣ والدر المصون ٤ / ٢٩٧.
(١١) لم أقف عليه.
(١٢) مختصر ابن خالويه ١١٤ ، والبحر ٧ / ١٤٤.
(١٣) البحر ٧ / ١٤٤.
(١٤) البقرة : ٨١.
(١٥) انظر : المراجع السابقة.