على «نوحا» (١) ، أو بإضمار «اذكر» (٢) ، أو عطفا على «هاء» (٣) «أنجيناه» ، والنخعي (٤) ، وأبو جعفر (٥) ، وأبو حنيفة (٦) : «وإبراهيم» رفعا على الابتداء ، والخبر مقدر أي ومن المرسلين إبراهيم (٧) ، وقوله : (إِذْ قالَ) بدل من «إبراهيم» بدل اشتمال (٨) ، فإن قلنا : هو ظرف «أرسلنا» أي أرسلنا إبراهيم إذ قال لقومه ، ففيه إشكال ، لأن قوله لقومه (اعْبُدُوا اللهَ) دعوة ، والإرسال يكون قبل الدعوة ، فكيف يفهم من قوله : وأرسلنا إبراهيم حين قال لقومه مع أنه يكون مرسلا قبل ذلك؟
فالجواب : هذا كقول القائل : «وقفت للأمير إذ خرج من الدّار» ، وقد يكون الوقوف قبل الخروج لكن لما كان الوقوف يمتد إلى ذلك الوقت صح ذلك.
فصل
معنى (اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ) أطيعوا الله وخافوه ، وقيل : (اعْبُدُوا اللهَ) إشارة إلى الإتيان بالواجبات (وَاتَّقُوهُ) إشارة إلى الامتناع عن المحرمات ، (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي عباد الله وتقواه خير ، لأن خلاف عبادة الله تعطيل (٩) ، وخلاف تقواه شرك ، وكلاهما شر ، (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً) أصناما ، فلا تستحق العبادة لكونها أصناما منحوتة لا شرف لها.
قوله : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) العامة على فتح التاء ، وسكون الخاء ، ورفع اللام مضارع «خلق» و «إفكا» بكسر الهمزة وسكون الفاء ، أي وتختلقون كذبا ، أو تنحتون أصناما ، وعلي بن أبي طالب (١٠) ، وزيد بن علي (١١) والسّليميّ (١٢) ، وقتادة بفتح الحاء واللام مشددة (١٣) ، وهو مضارع «تخلّق» والأصل : «تتخلقون» بتاءين فحذفت إحداهما «كتنزّل» ،
__________________
(١) المراجع السابقة.
(٢) المراجع السابقة.
(٣) المراجع السابقة.
(٤) تقدم.
(٥) تقدم.
(٦) تقدم.
(٧) انظر : البحر المحيط ٧ / ١٤٥ ، ومختصر ابن خالويه ١١٥ ، والكشاف ٣ / ٢٠١ ، وهي من الشواذ رواية ولكنها قوية في العربية.
(٨) المراجع السابقة ، وانظر : الدر المصون ٤ / ٢٩٨ وقد قال في الكشاف ٣ / ٣٠١ «لأن الأحيان تشتمل على ما فيها».
(٩) في «ب» تعليل وهو خطأ وتحريف.
(١٠) تقدم.
(١١) زيد بن علي بن أحمد أبو القاسم العجلي شيخ العراق ، إمام حاذق ، وعادل ثقة ، قرأ على أحمد بن فرج وغيره وقرأ عليه ابن مهران ، مات سنة ٣٥٨ ، الغاية ٢٩٨ و ٢٩٩ / ١.
(١٢) السلمي : عبد الله بن حبيب بن ربيعة أبو عبد الرحمن السلمي الضرير ، مقرىء الكوفة ، إليه انتهت القراءة تجويدا ، وضبطا ، أخذ عن عثمان ، وعلي ، وعنه عاصم ، وابن السائب كان كبير القدر ، مات سنة ٧٤ ه ، انظر : غاية النهاية ١ / ٤١٣ ، ٤١٤.
(١٣) نقلها في المحتسب ٢ / ٦٠ والشواذ لابن خالويه ١١٥ ، ١١٤ ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٣١٥ ، والبحر المحيط ٧ / ١٤٥ وهي من القراءات غير المتواترة ، وانظر : معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ١٦٥.