يشبه الشيء بنفسه (١). قال شهاب الدين : وليس في ذلك تشبيه الشيء بنفسه ؛ لأن المراد في الأول : أخرجناهم إخراجا مثل الإخراج المعروف المشهور ، وكذلك الثاني (٢).
قوله : (وَأَوْرَثْناها) عطف على (فَأَخْرَجْناهُمْ) أي : وأورثناها بهلاكهم بني إسرائيل وذلك أن الله تعالى رد بني إسرائيل إلى مصر بعدما أغرق فرعون وقومه وأعطاهم جميع ما كان لفرعون وقومه من الأموال والمساكن (٣).
قول : (فَأَتْبَعُوهُمْ). قرأ العامة بقطع الهمزة من «أتبعه» أي : ألحقه نفسه ، فحذف الثاني(٤). وقيل : يقال : أتبعه بمعنى «اتبعه» بوصل الهمزة ، أي : لحقه (٥).
وقرأ الحسن والحارث الذّمّاريّ بوصلها وتشديد التاء (٦) ، وهي بمعنى اللحاق.
وقوله : (مُشْرِقِينَ) أي : داخلين في وقت الشروق من : شرقت الشمس شروقا : إذا طلعت(٧) ك «أصبح ، وأمسى» : إذا دخل في هذين الوقتين. وقيل : داخلين نحو المشرق ك «أنجد ، وأتهم». و (٨) «مشرقين» منصوب على الحال ، والظاهر أنه من الفاعل (٩). وقيل : «مشرقين» بمعنى: مضيئين. وفي التفسير : أنّ بني إسرائيل كانوا في نور ، والقبط في ظلمة ، فعلى هذا يكون «مشرقين» حالا من المفعول (١٠). قال شهاب الدين : وعندي أنه يجوز أن يكون حالا من الفاعل والمفعول إذا جعلنا «مشرقين» : داخلين في وقت الشروق ، أو في مكان المشرق ، لأن كلا من القبيلين كان داخلا في ذلك الزمان ، أو في ذلك المكان (١١).
قوله : (فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ) أي : تقابلا ورأى بعضهم بعضا. قرأ العامة : «تراءى» بتحقيق (١٢) الهمزة. وابن وثاب والأعمش من غير همز (١٣) ، بأن تكون الهمزة مخففة بين بين ، لا بالإبدال المحض ، لئلا يجتمع ثلاث ألفات ، الأولى الزائدة بعد الراء ، والثانية المبدلة من الهمزة ، والثالثة لام الكلمة ، لكن الثالثة لا تثبت وصلا لحذفها لالتقاء الساكنين (١٤). ثم اختلف القراء في إمالة هذا الحرف فنقول : هذا الحرف إما أن يوقف عليه أو لا ، فإن وقف
__________________
(١) البحر المحيط ٧ / ١٩.
(٢) الدر المصون ٥ / ١٥٥.
(٣) انظر البغوي ٦ / ٢١٧ ، القرطبي ١٣ / ١٠٥.
(٤) فتكون الهمزة للتعدية إلى المفعول الثاني ، كقولهم : وأتبعه الشيء جعله له تابعا. انظر اللسان (تبع).
(٥) انظر اللسان (تبع).
(٦) المختصر (١٠٧) ، البحر المحيط ٧ / ١٩ ، الإتحاف ٣٣٢.
(٧) انظر الكشاف ٣ / ١١٦.
(٨) و : سقط من ب.
(٩) انظر البحر المحيط ٧ / ١٩.
(١٠) المرجع السابق.
(١١) الدر المصون ٥ / ١٥٥ ـ ١٧٦.
(١٢) في ب : بتخفيف.
(١٣) أي : (تراي). قال ابن خالويه :(«فلما ترات الفئتان» بلا همز الأعمش عن عاصم) المختصر (١٠٧) ، البحر المحيط ٧ / ١٩ ، وفيه: (وقال أبو حاتم : وما روي عن ابن وثّاب والأعمش خطأ).
(١٤) حكاه أبو حيان عن أبي الفضل الرازي. انظر البحر المحيط ٧ / ١٩.