ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤٢) وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ)(٤٣)
قوله (تعالى) (١) : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ (أَوْلِياءَ)) (٢) يعني الأصنام يرجون نصرها ونفعها (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ) لنفسها «بيتا» تأوي إليه ، وإن بيتها في غاية الضعف والوهي (٣) لا يدفع عنها حرا ولا بردا كذلك الأوثان لا تملك لعابدها نفعا ولا ضرّا (٤)(وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا (٥) يَعْلَمُونَ). واعلم أنه تعالى مثل اتخاذهم الأوثان أولياء باتخاذ العنكبوت) نسجه بيتا ولم يمثل «نسجه» لأن «نسجه» له (٦) فائدة لولاه لما (٧) حصل ، وهو اصطيادها الذباب من غير أن يفوته ما (هو) (٨) أعظم منه واتخاذهم الأوثان يفيدهم ما هو أقل من الذباب من متاع الدنيا ولكن يفوتهم ما هو أعظم منها وهو الدار الآخرة (التي) (٩) هي خير وأبقى ، فليس اتخاذهم كنسج العنكبوت. وقوله : (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) إشارة إلى ما بينا أن كل بيت ففيه إما فائدة الاستظلال أو غير ذلك ، وبيته يضعف عن إفادة ذلك لأنه يخرب بأدنى شيء ، ولا يبقى منه عين ولا أثر ، فكذلك عملهم ، (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ). (و) (١٠) العنكبوت معروف ، ونونه أصلية. والواو والتاء مزيدتان بدليل جمعه على «عناكب» وتصغيره عنيكب ويذكر ويؤنث ، فمن التأنيث قوله : (اتَّخَذَتْ بَيْتاً) ومن التذكير قوله :
٤٠٣٠ ـ على هطّالهم منهم بيوت |
|
كأنّ العنكبوت هو ابتناها (١١) |
وهذا مطرد في أسماء الأجناس يذكر ويؤنث.
قوله : (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) جوابه محذوف أي لما اتخذوا من يضرب له (١٢) بهذه الأمثال لحقارته ومتعلق يعلمون لا يجوز أن يكون من جنس قوله : (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ)
__________________
(١) ساقط من (ب).
(٢) ساقط من (ب).
(٣) في (ب) والوهن.
(٤) في (ب) ضرا ولا نفعا.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (ب).
(٦) في (ب) فيه.
(٧) في (ب) ما حصل.
(٨) ساقط من (ب).
(٩) ساقط من (ب).
(١٠) ساقط من (ب).
(١١) البيت من تمام الوافر ولم أعرف قائله ، والهطال : اسم جبل ، والمعنى أنهم في متناول يد أعدائهم لضعف بيوتهم وذلك كناية عن قلة المدافعين عنها فأشبهت بيت العنكبوت في ضعفها ووهنها. وجيء بالبيت استشهادا على أن العنكبوت مذكر ، وهو مذهب لناس من العرب وكأنه ذهب إلى الجنس. (انظر معاني الفراء ٢ / ٣١٧ ، واللسان «عنكب» ٣١٣٨ و «هطل» ٤٧٦٥ ، وإعراب القرآن للنحاس ٣ / ٢٥٧ والمذكر والمؤنث للفراء ١٠٢ ، والمذكر والمؤنث لابن الأنباري ١ / ٤٢٦ ، ومعجم البلدان ٥ / ٤٠٨ ، ومجمع البيان ٧ / ٤٤٦ ، والبحر المحيط ٧ / ١٥٢ ، والقرطبي ١٣ / ٣٤٥ ، والسراج المنير ٣ / ١٤٣ والخزانة ٢ / ٣٢٢ والمخصص والتاج «هطل».
(١٢) في «ب» به.