روي (١) ذلك عن عبد الله (٢) ، وهو قول مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير (٣) ، ويروى مرفوعا عن موسى بن (٤) عقبة عن نافع عن ابن عمر (٥) عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقال عطاء (٦) في قوله : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) من أن يبقى معه معصية (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) قال عطاء : لا يخفى (٧) عليه شيء.
قوله تعالى : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٤٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الْكافِرُونَ (٤٧) وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨) بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الظَّالِمُونَ) (٤٩)
قوله تعالى : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي لا تخاصموهم (٨) إلا بالتي هي أحسن أي بالدعاء إلى الله بآياته والتنبيه على حججه ، وأراد من قبل الجزية منهم لما بين طريقة إرشاد المشركين بين طريقة إرشاد أهل الكتاب.
قوله : (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا) استثناء متصل ، وفيه معنيان :
أحدهما : إلا الظلمة فلا تجادلوهم ألبتة بل جاهدوهم بالسيف حتى يسلموا أو يعطوا الجزية (٩).
ومجاز الآية : إلا الذين ظلموكم لأن جميعهم ظالم بالكفر.
والثاني : جادلوهم بغير التي هي أحسن أي أغلظوا لهم كما أغلظوا عليكم ، قال سعيد بن جبير : أهل الحرب ، ومن لا عهد له (١٠) ، وقال قتادة ومقاتل : نسخت بقوله :
__________________
(١) في «ب» ويروى.
(٢) هو ابن مسعود وسبق التعريف به.
(٣) القرطبي ١٣ / ٣٤٩.
(٤) موسى بن عقبة الأسدي مولاهم المدني عن أم خالد ، وعلقمة بن وقاص ، وعنه يحيى الأنصاري وابن جريج مات سنة ١٤١ ه. انظر : خلاصة الكمال ٢٩٢.
(٥) ابن عمر : عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي أبو عبد الرحمن المكي ، هاجر مع أبيه ، له ألف وستمائة حديث وثلاثون حديثا عنه بنون : سالم وحمزة ، وغيرهما ، مات سنة ٧٤ ه ، انظر : خلاصة الكمال ٢٠٧.
(٦) عطاء ؛ هو عطاء بن أبي رباح القرشي مولاهم أبو محمد الجندي اليماني نزيل مكة ، وأحد الفقهاء والأئمة عن عثمان ، وعتاب بن أسيد وعنه أيوب وحبيب وثابت مات سنة ١١٤ ه خلاصة الكمال ٢٦٦.
(٧) البحر ٧ / ١٥٣.
(٨) في «ب» تخاصموا.
(٩) في «ب» بالسيف إن أبوا أن يعطوا الجزية ونصبوا الحرب فجادلوهم بالسيف الخ ..
(١٠) القرطبي ١٣ / ٣٥١.