متعلق بنفس «تتلو» (١) و (تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ) أي ولا تكتبه أي لم تكن تقرأ ولا تكتب قبل الوحي قوله : (إِذاً لَارْتابَ) جواب وجزاء ، أي لو تلوت كتابا قبل القرآن أو كنت ممن يكتب لارتاب المبطلون ولشكّ (المشركون من) (٢) أهل مكة ، وقالوا : إنه يقرأه من كتب الأولين وينسخه منها ، وقال قتادة ومقاتل : المبطلون هم اليهود (٣) والمعنى : لشكوا فيك واتهموك ، وقالوا : إن الذي نجد نعته في التوراة أمي لا يقرأ ولا يكتب وليس هذا على ذلك النعت (٤).
قوله : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ) قرأ قتادة «آية» بالتوحيد (٥) ، قال الحسن : يعني القرآن(٦)((آياتٌ بَيِّناتٌ)(٧)(فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)(٨) ، يعني : «المؤمنين» (٩) الذين حملوا القرآن ، وقال ابن عباس وقتادة : («بل هو») (١٠) يعني : محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم (١١) ـ ذو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب لأنهم يجدونه بنعته وصفته في كتبهم (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ).
فإن قيل : ما الحكمة في قوله ههنا : (الظَّالِمُونَ) ومن قبل قال : الكافرون؟
فالجواب : أنهم قبل بيان المعجزة قيل لهم : إن لكم المزايا فلا تبطلوها بإنكار محمد فتكونوا كافرين فلفظ الكافر هناك أبلغ فمنعهم عن ذلك لاستنكافهم عن الكفر ، ثم بعد بيان المعجزة قال لهم إن جحدتم هذه الآيات لزمكم إنكار إرسال الرسل فتلحقوا في أول الأمر بالمشركين حكما ، وتلتحقون عند جحد هذه الآيات بالمشركين حقيقة فتكونوا ظالمين أي مشركين ، كما قال : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(١٢) فهذا اللفظ هنا أبلغ.
قوله تعالى : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ)(٥٢)
قوله تعالى : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ)(١٣) كما أنزل على الأنبياء من قبل.
__________________
(١) الدر المصون ٤ / ٣٠٧.
(٢) ساقط من «ب».
(٣) القرطبي ١٣ / ٣٥٤.
(٤) السابق.
(٥) البحر المحيط ٧ / ١٥٥.
(٦) القرطبي ١٣ / ٣٥٤.
(٧) ساقط من «ب».
(٨) في «ب» الكتاب.
(٩) زائد في «ب».
(١٠) زائد في «أ».
(١١) القرطبي ١٣ / ٣٥٤.
(١٢) لقمان : ١٣.
(١٣) في «ب» آية بالإفراد وهو خطأ.