يوسف ـ (عليهالسلام (١)) (٢) ـ «وإن ربك هو العزيز» في الانتقام من أعدائه «الرحيم» بعباده ، لأنه تعالى أفاض عليهم أصناف نعمه ، وكان قادرا على أن [يهلكهم ، فدل على كمال رحمته وسعة جوده وفضله (٣).
قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ (٦٩) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ (٧٠) قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ (٧١) قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣) قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ (٧٤) قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعالَمِينَ)(٧٧)
قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ (٤) إِبْراهِيمَ) ... الآيات».
اعلم أنه تعالى ذكر في أول السورة شدة حزن محمد ـ عليهالسلام (٥) ـ ثم ذكر قصة موسى ليعرف محمدا أن مثل تلك المحنة كانت حاصلة لموسى ، ثم ذكر عقيبها قصة إبراهيم ليعرف محمد أن حزن إبراهيم بهذا السبب كان أشد من حزنه (٦).
قوله : (إِذْ قالَ) العامل في «إذ» «نبأ» (٧) أو «اتل» قاله الحوفي (٨) وهذا لا يتأتى إلا على كون «إذ» مفعولا به (٩). وقيل : «إذ» بدل من «نبأ» بدا اشتمال ، وهو يؤل إلى أن العامل فيه «اتل» بالتأويل المذكور (١٠).
قوله : (وَقَوْمِهِ) الهاء تعود على إبراهيم (١١) ، لأنه المحدث عنه.
وقيل : تعود على «أبيه» لأن أقرب مذكور ، أي : قال لأبيه وقوم أبيه ، ويؤيده : (إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ) [الأنعام : ٧٤] حيث أضاف القوم إليه (١٢).
قوله : (ما تَعْبُدُونَ) أي : أي شيء تعبدون؟ وهو يعلم أنهم عبدة الأصنام ، ولكنه سألهم ليريهم أن ما يعبدونه لا يستحق العبادة ، كما تقول (لتاجر الرقيق) (١٣) : ما (١٤) مالك؟ وأنت تعلم أن (١٥) ماله الرقيق ، ثم تقول : الرقيق جمال وليس بمال (١٦).
قوله : (نَعْبُدُ أَصْناماً) أتوا في الجواب بالتصريح بالفعل ليعطفوا عليه قولهم :
__________________
(١) انظر البغوي ٦ / ٢٢٠.
(٢) ما بين القوسين في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٤١.
(٤) ما بين القوسين سقط من ب.
(٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٤١ ـ ١٤٢.
(٧) انظر التبيان ٢ / ٩٩٦.
(٨) انظر البحر المحيط ٧ / ٢٢.
(٩) فهذا إخراج له عن الظرفية ليصح هذا القول.
(١٠) انظر البحر المحيط ٧ / ٢٢.
(١١) واستظهره أبو حيان. البحر المحيط ٧ / ٢٢.
(١٢) انظر البحر المحيط ٧ / ٢٢.
(١٣) ما بين القوسين في النسختين : للتاجر. والتصويب من الفخر الرازي.
(١٤) ما : سقط من ب.
(١٥) أن : سقط من الأصل.
(١٦) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٤٢.