ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمؤمنون بظهورهم على المشركين يوم بدر ، فظهور أهل الكتاب على أهل الشرك (يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ) الغالب «الرحيم» للمؤمنين.
قوله تعالى : (وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦) يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ (٧) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ (٨) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩) ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ)(١٠)
قوله : (وَعْدَ اللهِ) مصدر مؤكد ناصبه (١) مضمر أي وعدهم الله ذلك وعدا بظهور الروم على فارس (لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ) وهذا مقدر لمعنى هذا المصدر ويجوز أن يكون قوله : (لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ) حالا من المصدر (٢) فيكون كالمصدر الموصوف فهو مبين للنوع (و (٣)) كأنه قيل : وعد الله وعدا غير مخلف (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
قوله : (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) يعني أمر معايشهم كيف يكتسبون ويتّجرون ومتى يغرسون قال الحسن (٤) : إن أحدهم لينقر الدرهم بطرف ظفره فيذكر وزنه ، ولا يخطىء وهو لا يحسن (يصلي (٥)) والمعنى أن علمهم منحصر في الدنيا بل لا يعلمون الدنيا كما هي وإنما يعلمون ظاهرها وهو ملاذها ولا يعلمون باطنها وهو مضارها ومتاعبها ولا يعلمون فناها (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) ساهون جاهلون بها لا يتفكرون فيها ، وذكرهم الثانية ليفيد أن الغفلة منهم (٦) وإلا فأسباب التذكر حاصلة.
قوله : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) فقوله في أنفسهم ظرف للتفكّر ، وليس مفعولا للتفكر ، (إذ متعلقه خلق) (٧) السماوات والأرض ، والمعنى أن أسباب التفكر حاصلة وهي أنفسهم لو تفكروا فيها لعلموا وحدانيّة الله ، وصدقوا بالحشر أما الوحدانية فلأن الله تعالى خلقهم في أحسن تقويم ، ومن يفكر في تشريح بدن الإنسان وحواسه (٨) رأى في ذلك حكما كل واحدة منها كافية في معرفة كون الله فاعلا مختارا قادرا كاملا عالما ، ومن يكون كذلك يكون واحدا وإلا لكان عاجزا عن إرادة شريكه ضد ما أراده وأما دلالة
__________________
(١) الدر المصون ٤ / ٣١٥.
(٢) السابق.
(٣) زيادة من أ.
(٤) القرطبي ١٤ / ٨.
(٥) ساقط من «ب».
(٦) في «ب» فيهم.
(٧) ساقط من «ب».
(٨) في «ب» وجوارحه.