بأن كذبوا فلما حذف الحرف (١) جرى القولان المشهوران بين (٢) الخليل وسيبويه في محل «أن» (٣).
والثاني : أنه بدل من «السّوءى» أي ثم كان عاقبتهم التكذيب ، وعلى الثاني يكون «السوءى» مصدرا «لأساءوا» أو يكون نعتا لمفعول محذوف أي أساء والفعلة السّوءى ، و «السوءى» تأنيث «للأسوأ» (٤). وجوز بعضهم (٥) أن يكون خبر كان محذوفا للإبهام ، و «السوءى» إما مصدر وإما مفعول كما تقدم أي اقترفوا الخطيئة السّوءى ؛ أي كان عاقبتهم الدّمار. وأما النصب (٦) فعلى خبر كان ، وفي الاسم وجهان :
أحدهما : «السوءى» إن كانت الفعلة السوءى عاقبة المسيئين ، و (أَنْ كَذَّبُوا) على ما تقدم.
الثاني : أن الاسم (أَنْ كَذَّبُوا) و «السّوءى» على ما تقدم. المعنى : ثم كان عاقبة الذين أساءوا السّوءى يعني : الخلة التي تسوؤهم وهي النار (وهي) (٧) السّوءى اسم لجهنم كما أن الحسنى اسم للجنة (أَنْ كَذَّبُوا) أي لأن كذبوا ، وقيل : تفسير «السوءى» ما بعده ، وهو قوله : (أَنْ كَذَّبُوا) يعني : ثم كان عاقبة المسيئين التكذيب حملهم تلك السيئات على أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون.
قوله تعالى : (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ)(١٦)
قوله : (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) أي يخلقهم ابتداء (٨) ثم يعيدهم بعد الموت أحياء
__________________
(١) في «ب» حذف الجر ، وانظر في الإعراب الدر المصون ٤ / ٣١٦ والتبيان ١٠٣٧ و ١٠٣٨ والبيان ٢ / ٢٤٩ ومشكل إعراب القرآن ٢ / ١٧٧ ومعاني الفراء ٢ / ٣٢٢ والقرطبي ١٤ / ١٠.
(٢) الخليل بن أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد البصري الفرهودي سيد أهل زمنه في علمه وزهده كان من تلامذة أبي عمرو ، أخذ عنه سيبويه ، والنضر بن شميل وهو أول من استخدم علم العروض مات سنة ١٦٠ ه نزهة الألباء ٢٩ ، ٣٢.
(٣) في «ب» محله.
(٤) انظر : الكشاف ٣ / ٢٢٦.
(٥) هو الزمخشري حيث قال : «وأن كذبوا» عطف بيان لها ، وخير كان محذوف كما يحذف جواب «لما» و «لو» إرادة الإبهام ، الكشاف ٣ / ٢٢٦.
(٦) أي نصب عاقبة وانظر : المراجع السابقة والبحر ٧ / ١٦٤.
(٧) ساقط من «ب».
(٨) القرطبي ١٤ / ١٠.