فصل (١)
قوله : بأمره أي بقوله : «قوما» أو بإرادته قيامهما ؛ لأن الأمر عند المعتزلة موافق للإرادة وعندنا ليس كذلك ولكن النزاع في أمر التكليف ، لا في أمر التكوين فإنا لا ننازعهم في أن قوله : (كُنْ(٢) فَيَكُونُ) و «كوني (٣)» و «كونوا» (٤) موافق للإرادة.
فإن قيل : ما الفائدة في قوله «ههنا» : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ) وقال قبله (٥) : (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ) (ولم (٦) يقل : أن يريكم) ليصير (كالمصدر (٧) «بأن»؟).
فالجواب : أن القيام لما كان غير متغير أخرج الفعل بأن عن الفعل المستقبل ولم يذكر معه الحروف المصدرية.
فإن قيل : ما الحكمة في أنه ذكر ست دلائل وذكر في أربعة منها : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) ولم يذكر الأولى وهو قوله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) ولا في الآخر وهو قوله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ)؟.
فالجواب : أما الأول فلأن قوله بعده : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ) أيضا دليل الأنفس فخلق السماء والأرض وخلق الأزواج من باب واحد على ما تقدم من أنه تعالى ذكر من كل باب أمرين للتقرير (٨) والتوكيد. فلما قال في الثانية : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) كان عائدا إليهما ، وأما في قيام السماء والأرض فلأنه ذكر في الآيات السماوية (٩) أنها آيات للعالمين ولقوم يعقلون وذلك لظهورها فلما كان في أول الأمر ظاهرا ففي آخر الأمر بعد سرد الدلائل يكون أظهر (فلم يميز أحدا في ذلك عن (١٠) الآخر). ثم إنه تعالى لما ذكر الدليل على القدرة والتوحيد ذكر مدلوله وهو قدرته على الإعادة فقال : (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) وجه العطف «بثم» و «بم تعلق» فمعناه أنه تعالى إذا بين لكم كمال قدرته بهذه الآيات بعد ذلك يخبركم ويعلمكم أنه إذا قال للعظام الرميمة اخرجوا من الأجداث يخرجون أحياء (١١).
قوله : (مِنَ الْأَرْضِ) فيه أوجه : أظهرها : أنه متعلق بمحذوف يدل عليه «يخرجون» أي خرجتم من الأرض (١٢) ، ولا جائز أن يتعلق «بتخرجون» لأن ما بعد «إذا» لا يعمل فيما قبلها.
__________________
(١) زيادة من «ب» عن «أ».
(٢) ساقط من «ب».
(٣) على إرادة الواحد.
(٤) على إرادة المؤنثة.
(٥) على إرادة الجماعة.
(٦) في «ب» وقال قبل.
(٧) ساقط من «ب».
(٨) ساقط من «ب».
(٩) انظر : التفسير الكبير للفخر الرازي ٢٥ / ١١٥.
(١٠) في «ب» الثلاثة.
(١١) ساقط من «ب».
(١٢) انظر : الدر المصون ٤ / ٣٢١ والبيان ٢ / ٢٥٠ ويجوز أن يتعلق بمحذوف صفة لدعوة.