«النّاس (١)» إذا أريد بهم المؤمنون ، وقال الزجاج بعد قوله : «وجهك» معطوف تقديره «فأقم وجهك وأمتك» فالحال من الجميع ، وجاز حذل المعطوف لدلالة «منيبين» عليه ، كما جاز حذفه في قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ) أي والناس لدلالة : (إِذا طَلَّقْتُمُ) عليه ، كذا زعم الزجاج (٢) ، في (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) [الطلاق : ١] وقيل : على خبر كان ، أي كونوا منيبين ، لدلالة قوله : (وَلا تَكُونُوا)(٣).
فصل
معنى منيبين إليه أي (٤) مقبلين عليه بالتوبة والطاعة ، «واتّقوه» أي إذا أقبلتم عليه ، وتركتم الدنيا ، فلا تأمنوا فتتركوا عبادته بل خافوه ودواموا على العبادة (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) ولا تكونوا من المشركين (٥) ؛ بإعادة العامل. وتقدم قراءتا «فرّقوا ، وفارقوا» وتفسير «الشّيع» أيضا (٦). قوله : «فرحون» الظاهر أنه خبر عن «كل حزب» ؛ وجوز الزمخشري (٧) أن يرتفع صفة «لكلّ» قال : ويجوز أن يكون «من الذين» منقطعا مما قبله ومعناه من المفارقين دينهم كل حزب فرحين بما لديهم ، ولكنه رفع «فرحين» وصفا لكل كقوله :
٤٠٤٢ ـ وكلّ خليل غير هاضم نفسه |
|
............. (٨) |
قال أبو حيان : قدر أولا «فرحين» مجرورا صفة «لرجل» وهو الأكثر (٩) كقوله :
__________________
(١) المراجع السابقة.
(٢) قال في معاني القرآن : زعم جميع النحويين أن هذا فأقيموا وجوهكم منيبين إليه لأن مخاطبة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يدخل معه فيها الأمة والدليل على ذلك قوله «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ».
(٣) ذكر هذا أبو حيان في البحر المحيط ٧ / ١٧٣.
(٤) نقله القرطبي ١٤ / ٣٢.
(٥) في معظم المراجع (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا ـ بدل من المشركين) الكشاف ٣ / ٢٢٢ والبحر المحيط ٧ / ١٧٣ والدر المصون ٤ / ٣٢٥.
(٦) في الأنعام عند الآية ١٥٩ عند قوله «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً» وقد قيل هناك : إن حمزة والكسائي قرءا «فارقوا» بالألف والباقون بالتشديد وانظر : اللباب (ميكروفيلم). والإتحاف ٤٣٨ والسبعة ٢٧٤. وقيل : إن الشيعة أتباع الرجل وأنصاره وجمعها : شيع ، والشيعة : الذين يتبع بعضهم بعضا وليس كلهم متفقين.
(٧) انظر : الكشاف ٣ / ٢٢٢.
(٨) من الطويل وهو للشماخ بن ضرار الذبياني ، وعجزه :
بوصل خليل صارم أو معارز
والهضم : الظلم ، والصّارم : القاطع ، والمعارز : المنقبض. يقول : كل خليل لا يظلم نفسه لخليله فهو ظالم له قاطع ومنقبض عنه. والاستشهاد بالبيت في كلمة «غير» فيجوز رفعها مراعاة «لكلّ» ويجوز جرها مراعاة «لخليل» والبيت استشهد به الزمخشري على الوجه الأول الذي أجيز لأن «كلّ» مضاف إلى نكرة. وقد تقدم.
(٩) انظر البحر ٧ / ١٧٢.