٤٠٤٣ ـ جادت عليه كلّ عين ثرّة |
|
فتركن كلّ حديقة كالدّرهم (١) |
وجاز الرفع نعتا «لكلّ» كقوله :
٤٠٤٤ ـ ولهت عليه كلّ معصفة |
|
هوجاء ليس للبّها زبر (٢) |
وهو تقدير حسن.
قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ)(٣٥)
قوله : (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ) قحط وشدّة ، (دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) بالدعاء ، لما بين التوحيد بالدليل وبالمثل بين أن لهم حالة يعترفون به (٣) ، وإن كانوا ينكرونه (٤) في وقت ما وهي حالة الشدة ، (ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً) ، خصب أو نعمة ، يعني إذا خلصناهم من تلك الشدة (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) ، وقوله : «منه» أي من الضر ؛ لأن الرحمة غير مطلقة لهم إنما هي على ذلك الضر وحده ، وأما الضر المؤخر فلا يذوقون منه رحمة ويحتمل أن يكون الضمير في «منه» عائد إلى الله تعالى ، والتقدير ثم إذا أذاقهم الله من فضله رحمة خلصهم بها من ذلك الضر.
قوله : (إِذا فَرِيقٌ) هذه «إذا» الفجائيّة ، وقعت جواب الشرط ؛ لأنها كالفاء في أنها للتعقيب ولا يقع أول كلام ، وقد تجامعها الفاء زائدة (٥).
__________________
(١) هذا بيت من تمام الكامل وهو لعنترة العبسي ، و «جادت عليه» من الجود أي المطر. و «ثرّة» غنيّة بالمطر دائمته ، والعين مطر أيام لا ينقطع خمسة أو ستة أيام. والحدائق : الحيطان التي فيها النخل و «كالدرهم» في الاستدارة بالماء. وقد تقدم.
(٢) هذا بيت من تمام الكامل أيضا لابن أحمر في وصف ريح تجيء على منازل أصحابه ولا تستقيم في هبوبها على حال واحدة فهي كالناقة الهوجاء ، واللبّ : العقل ، والزّبر : الإحكام ، وولهت : حفّت والشاهد : في كلمة «هوجاء» رفعها وصفا «لكل» ، ويجوز فيه ـ على الأكثر ـ الجر ـ بالفتح حيث لا ينصرف ـ وصفا ل «معصفة». وانظر : الكتاب ٣ / ٢٢٢ واللسان : «ز ب ر ، ه وج» وحاشية يس ٢ / ٣٢ ، ومعاني القرآن للزجاج ٢ / ١٤٥ ، والبحر المحيط ٧ / ١٧٢ وانظر هذه الأبيات السابقة في الدر المصون ٤ / ٣٢٦.
(٣) في تفسير الفخر الرازي : حالة يعترفون بها.
(٤) وفيه : ينكرونها.
(٥) قال في الكتاب ٣ / ٦٣ و ٦٤ «واعلم أنه لا يكون جواب الجزاء إلا بفعل أو بالفاء ... وسألت الخليل عن قوله ـ عزوجل ـ : «وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ» فقال : هذا كلام معلق بالكلام الأول كما كانت الفاء معلقة بالكلام الأول وهذا ها هنا في موضع قنطوا وما يجعلها في منزلة أنها لا تجيء مبتدأة. وزعم الخليل أن إدخال الفاء على «إذا» قبيح».
وقال السّيوطيّ في الهمع ٢ / ٦٠ : «وينوب عنها في الأصح إذا الفجائية في جملة اسمية غير طالبة ولا ـ