العطيّة ليثيب أكثر (١) منها ، فهذا جائز حلالا ، ولكن لا يثاب عليه في الفقه (٢) فهو (٣) معنى قوله تعالى : (فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) وكان هذا حراما على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خاصة لقوله تعالى : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) [المدثر : ٩] أي لا تعط وتطلب أكثر مما أعطيت ، وقال النخعي : هو الرجل يعطي صديقه وقريبه ليكثر ماله ، ولا يريد به وجه الله (٤). وقال الشعبي : هو الرجل يلتزق بالرجل (٥) فيجزيه (٦) ويسافر معه فيحصل له ربح ماله التماس عونه لا لوجه الله فلا يربو عند الله ؛ لأنه لم يرد به وجه الله (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ) أعطيتم من صدقة تريدون وجه الله.
قوله : (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) أي أصحاب الأضعاف ، قال الفراء : نحو مسمن(٧)ومعطش أي ذي إبل سمان وعطاش ، وتقول العرب : القوم مهزلون ومسمنون ، إذا هزلت وسمنت (٨) ، فالمضعف ذو الأضعاف من الحسنات وقرأ «أبيّ» بفتح العين (٩) ، وجعله اسم مفعول. وقوله : ((فَأُولئِكَ)(١٠)(هُمُ) قال الزمخشري : «التفات حسن كأنه قال لملائكته وخواص خلقه) فأولئك الذين يريدون وجه الله بصدقاتهم (هُمُ الْمُضْعِفُونَ) والمعنى هم المضعفون به لأنه من ضمير يرجع إلى («ما انتهى (١١)) يعني أن اسم الشرط متى كان غير ظرف وجب عود ضمير من الجواب عليه. وقد تقدم ذلك في البقرة عند : (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ)(١٢) ثم قال : «ووجه آخر : وهو أن يكون تقديره فمؤتوه فأولئك هم المضعفون ، والحذف لباقي الكلام من الدليل عليه» ، وهذا أسهل مأخذا ، والأول أملأ بالفائدة.
قوله : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) يجوز في خبر الجلالة وجهان :
أظهرهما : أنه الموصول بعدها (١٣).
والثاني : أنه الجملة (١٤) من قوله : (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ) والموصول
__________________
(١) القرطبي ١٤ / ٣٦.
(٢) في «ب» الغنيمة.
(٣) في «ب» فهذا معنى.
(٤) المرجع السابق.
(٥) السابق.
(٦) في «ب» فيخدمه.
(٧) انظر : معاني القرآن له ٢ / ٣٢٥.
(٨) في «ب» يهزلون ويسمنون وعبارة الفراء كما في المعاني ٢ / ٣٢٥ «كما تقول العرب : أصبحتم مسمنين معطشين إذا عطشت إبلهم أو سمنت».
(٩) وهي من القراءات الشاذة ، وانظر : مختصر ابن خالويه ١١٦.
(١٠) ما بين القوسين كله ساقط من «ب» وموجود بالكشاف و «أ».
(١١) ما بين القوسين ساقط من «ب» وموجود بالكشاف وانظر : الكشاف ٣ / ٢٢٤.
(١٢) الآية ٩٧ من البقرة فلا يجوز : «من يقم فمحمد مكافىء».
(١٣) في «ب» بعده.
(١٤) انظر : الكشاف ٣ / ٢٢٤ والقرطبي ١٤ / ٤٠ والبحر المحيط ٧ / ١٧٥ والدر المصون ٤ / ٣٢٨.