العالمين (١) فإنهم عدو لي ، و «إلّا» بمعنى «دون ، وسوى» (٢).
والثاني : أنه متصل ، وهو قول الزجاج (٣) ، لأنهم كانوا يعبدون الله والأصنام ، فقال إبراهيم : كل من تعبدون أعداء لي إلا رب العالمين.
وقال الحسن بن الفضل (٤) : معناه : إلا من عبد رب العالمين. وقيل : معناه : فإنهم غير معبود لي إلا رب العالمين. ثم وصف معبوده ، وهو قوله : (الَّذِي خَلَقَنِي) يجوز فيه أوجه : النصب على النعت ل (رَبَّ الْعالَمِينَ) ، أو البدل ، أو عطف البيان ، أو على إضمار «أعني» (٥). والرفع على خبر مبتدأ مضمر ، أي : هو الذي خلقني ، أو على الابتداء. و (فَهُوَ يَهْدِينِ)(٦) جملة اسمية في محل رفع خبرا له (٧).
قال الحوفي : ودخلت الفاء لما تضمنه المبتدأ من معنى الشرط (٨). وهذا مردود ، لأن الموصول معيّن ليس عاما ، ولأن الصلة لا يمكن فيها التجدد ، فلم يشبه الشرط (٩) وتابع أبو البقاء(١٠) الحوفيّ ، ولكنه لم يتعرض للفاء ، فإن عنى ما عناه الحوفي فقد تقدم ما فيه ، وإن لم يعفه فيكون تابعا للأخفش في تجويزه (١١) زيادة الفاء في الخبر مطلقا نحو : «زيد فاضربه» (١٢) وقد تقدم تجويزه.
قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)(٨٢)
واعلم أن إبراهيم ـ عليهالسلام (١٣) ـ لما استثنى رب العالمين وصفه بما يستحق العبادة لأجله بأوصاف:
أحدها (١٤) : قوله : (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ)(١٥) ، وذلك لأن الله تعالى أثنى على
__________________
(١) في ب : إلا رب العالمين وقال الحسن بن الفضل فإنهم عدو لي.
(٢) انظر القرطبي ١٣ / ١١٠ ، البحر المحيط ٧ / ٢٤ ، وقال أبو حيان معقبا على قول الجرجاني : (فجعله مستثنى مما بعد «كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ» ولا حاجة إلى هذا التقدير ، لصحة أن يكون مستثنى من قوله : «فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي»).
(٣) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٩٣.
(٤) لعله الحسن بن أبي الفضل. وقد تقدم.
(٥) انظر البحر المحيط ٧ / ٢٤.
(٦) في النسختين : يهديني.
(٧) انظر البيان ٢ / ٢١٥ ، التبيان ٢ / ٩٩٧ ، البحر المحيط ٧ / ٢٤.
(٨) انظر البحر المحيط ٧ / ٢٤.
(٩) هذا اعتراض أبي حيان على الحوفي. انظر البحر المحيط ٧ / ٢٤.
(١٠) قال أبو البقاء : (... «الذي» مبتدأ ، «فهو» مبتدأ ثان ، و «يهدين» خبره ، والجملة خبر «الذي») التبيان ٢ / ٩٩٧.
(١١) في ب : تجويز.
(١٢) انظر البحر المحيط ٧ / ٢٤.
(١٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٤) في ب : أهلها. وهو تحريف.
(١٥) في ب : يهديني.