رُسُلاً) أي إرسالهم دليل رسالتك فإنهم لم يكن لهم شغل غير شغلك ولم يظهر عليهم غير ما أظهر (١) عليك ، ومن آمن بهم كان له (الانتصار) (٢) ومن كذّبهم أصابهم البوار ، وفي تعلق الآية وجه (٣) آخر وهو أن الله لما بين بالبراهين ولم ينتفع بها الكفار سلّى قلب النبي عليه (الصلاة (٤) و) السلام وقال : حالك كحال من تقدمك كان كذلك وجاءوا بالبينات أيضا : أي بالدلائل والدّلالات الواضحات على صدقهم وكان في قومهم كافر ومؤمن كما في قومك (فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) عذبنا الذين كذبوهم ونصرنا المؤمنين.
[قوله :](٥) وكان حقّا ، وقف بعضهم على «حقا» وابتدأ بما بعده فجعل اسم «كان» مضمرا فيها و «حقا» خبرها ، أي وكان الانتقام حقّا ، قال ابن عطية : وهذا ضعيف (٦) لأنه لم (يدر (٧)) قدر ما عرضه في نظم الآية يعني الوقف (٨) على «حقا» ؛ وجعل بعضهم «حقا» منصوبا على المصدر واسم كان ضمير (الأمر (٩) والشأن) و «علينا» خبر مقدم ، و «نصر» اسم مؤخر ، وجعل (١٠) بعضهم «حقا» خبرها و «علينا» متعلق «بحقا» ، أو بمحذوف صفة له (١١) ، فعلى الأول يكون بشارة للمؤمنين الذين آمنوا بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أي علينا نصركم أيّها المؤمنون ونصرهم إنجاؤهم من العذاب ، وعلى الثاني معناه وكان حقا علينا ؛ أي نصر المؤمنين كان حقا علينا.
قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (٤٩) فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٥٠)
قوله : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) أي تنشره وتبسطه في السّماء كيف يشاء سيره يوما أو يومين وأكثر على ما يشاء و (يَجْعَلُهُ كِسَفاً) قطعا متفرقة ، (فَتَرَى الْوَدْقَ) المطر (يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) وسطه (فَإِذا أَصابَ بِهِ) بالودق (مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) أي يفرحون بالمطر.
قوله : (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ) أي وقد كانوا من قبل أن ينزل عليهم.
__________________
(١) في «ب» ظهر بثلاثية الفعل.
(٢) تصحيح من الفخر الرازي ففي النسختين «الأنصار».
(٣) انظر : تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ١٣٢.
(٤) زيادة من «ب».
(٥) زيادة من «ب».
(٦) انظر : البحر المحيط ٧ / ١٧٨.
(٧) زيادة من «أ».
(٨) التبيان ١٠٤١.
(٩) ساقط من «ب».
(١٠) في البحر ٧ / ١٧٨ والصحيح أن «نصر» اسمها و «حقا» خبرها وعلينا متعلقة «بحقّا».
(١١) البحر المحيط ٧ / ١٧٨ ، والدر المصون ٤ / ٣٣١.