الغيث وأثرها هو النبات وهذا ظاهر على قراءة الإفراد ، وأما على قراءة الجمع فيعود على المعنى. وقيل : الضمير للسّحاب. وقيل : للريح (١). وقرأ (جناح (٢)) بن حبيش مصفارا (٣) بألف و «لظلوا» جواب القسم الموطأ له «بلئن» وهو ماض لفظا مستقبل (٤) معنى ، كقوله : (ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) [البقرة : ١٤٥] والضمير في «من بعده» يعود على الاصفرار المدلول عليه بالصفة كقوله :
٤٠٤٥ ـ إذا نهي السّفيه جرى إليه |
|
............. (٥) |
أي السّفه ، لدلالة السفيه عليه.
قوله (تعالى (٦) :) «إنك (لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) لما علم رسوله وجوه الأدلة ووعد وأوعد ولم يزدهم دعاؤه إلا فرارا وكفرا وإصرارا (٧) ، قال : «إنك (لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) وقد تقدم الكلام على نحو (فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ) إلى آخره في الأنبياء ، وفي النمل (٨). واعلم أن إرشاد الميّت محال والمحال أبعد من الممكن ثم إرشاد الأصمّ صعب فإنه لا يسمع الكلام وإنما يفهم بالإشارة والإفهام بالإشارة صعب ثم إرشاد الأعمى أيضا صعب وإنك إذا قلت له الطريق على يمينك يدور إلى يمينه لكنه لا يبقى عليه بل يحيد عن قرب ، وإرشاد الأصمّ أصعب ولهذا تكون المعاشرة مع الأعمى أسهل من المعاشرة مع الأصم الذي لا يسمع لأن غايته الإفهام بالكلام وليس كلّ ما يفهم بالكلام يفهم بالإشارة ، فإن المعدوم والغائب لا إشارة إليه فقال : «إنك (لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) (ثم قال (٩) : ولا الصمّ ولا تهدي العمي) وقال في الأصم : (إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) ؛ ليكون أدخل في الامتناع لأن الأصمّ وإن كان يفهم فإنما يفهم بالإشارة ، (فإذا ولّى (١٠) لا يكون نظره إلى المشير فامتنع إفهامه بالإشارة أيضا) ثم قال : (وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا) لما نفى
__________________
(١) انظر هذه الأقوال في القرطبي ١٤ / ٤٥.
(٢) ساقط من «ب».
(٣) انظر : مختصر ابن خالويه ١١٦ وهي شاذة غير متواترة.
(٤) الدر المصون ٤ / ٣٣٤.
(٥) هذا صدر بيت من الوافر وهو مجهول قائله عجزه :
.......... |
|
وخالف السّفيه إلى خلاف |
وقوله : «إذا نهي» متعلقه عام أي عن أي شيء وخالف السفيه ناهيه أو زاجره هذا على تقدير المفعول ، وجملة «والسفيه إلى خلاف» تذييل أي أن المخالفة والميل إلى مخالفة الناصح شأن واستشهد بالبيت في كلمة «إليه» حيث عاد الضمير الذي في تلك الكلمة إلى المصدر المفهوم المدلول عليه بالوصف السابق في كلمة «السفيه» ، والمصدر المفهوم هو السّفه ، وانظر : معاني القرآن للفراء ١ / ١٠٤ ومجالس ثعلب ٦٠ والمحتسب ١ / ١٧٠ ، والإنصاف ١٤٠ ، والهمع ١ / ٦٥ والخزانة ٣ / ٢٢٦ و ٢٢٧.
(٦) زيادة من «ب».
(٧) في «ب» وإضرار بالضاد.
(٨) يشير إلى قوله تعالى من سورة الأنبياء : «وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ» الآية ٤٥ والآية «٨٠» من النمل.
(٩) سقط من «ب».
(١٠) سقط من «ب».