و «في» ترد بمعنى الباء [و] العامة على سكون عين «البعث» والحسن بفتحها (١) ، وقرىء بكسرها(٢) ، فالمكسور اسم ، والمفتوح مصدر.
قوله : (فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ) في الفاء قولان : أظهرهما : أنها عاطفة هذه الجملة على (لَقَدْ لَبِثْتُمْ)(٣).
وقال الزمخشري هي جواب (٤) شرط مقدر كقوله :
٤٠٤٦ ـ فقد جئنا خراسانا
كأنه قيل : إن صحّ ما قلتم إن «خراسان» أقصى ما يراد بكم وآن لنا أن نخلص وكذلك إن كنتم منكرين فهذا يوم البعث ، ويشير إلى البيت المشهور :
٤٠٤٧ ـ قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا |
|
قلنا القفول فقد جئنا خراسانا (٥) |
قوله : (لا تَعْلَمُونَ) أي البعث أي ما يراد بكم (أو) لا يقدر له مفعول أي لم يكونوا من أولي العلم وهو المنع (٦).
فصل
اعلم أن الموعود بوعد (٧) إذا ضرب له أجل يستقل المدة ويريد تأخيرها ، فالمجرم إذا حشر علم أن مصيره (إلى النار يستقل (٨) مدة اللّبث ويختار تأخير الحشر والإبقاء في الإبقاء ، والمؤمن إذا حشر علم أن مصيره) إلى الجنة فيستكثر المدة ولا يريد تأخيرها فيختلف الفريقان ويقول أحدهما : إن مدة لبثنا قليل وإليه الإشارة بقوله : (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ) ونحن صرنا إلى يوم البعث ، وهذا يوم البعث (وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وقوعه في الدنيا يعني أن طلبكم (التأخير (٩) لأنكم كنتم لا تعلمون البعث ولا تعترفون به ، فصار مصيركم إلى النار فتطلبون التأخير) ولا ينفعكم العلم به الآن.
قوله : (فَيَوْمَئِذٍ) أي إذ يشفع ذلك يقول الذين أوتوا العلم تلك المقالة (لا يَنْفَعُ) هو
__________________
(١) المحتسب ٢ / ١٦٦ وهي من الشواذ.
(٢) نقلها في البحر ولم يعزها إلى معين.
(٣) هذا رأي أبي حيان في البحر ، انظر البحر المحيط ٧ / ١٨٠.
(٤) انظر : الكشاف ٣ / ٢٢٧.
(٥) البيت من البسيط وهو للعباس بن الأحنف والقفول : الرجوع إلى ديار الأهل والمعنى في التألم من فراق الأهل والصحب والأحبة. والشاهد فيه «فقد جئنا خراسانا» فالفاء هنا جواب الشرط مقدر على رأى الزمخشري والتقدير : فقلنا فقد جئنا وهلا أذنتم لنا بالرجوع تصديقا لوعدكم إيانا ، وفسر الآية بالبيت الكشاف ٣ / ٢٢٧ والأغاني ٨ / ٢٤. ودلائل الإعجاز ٢٢٥ ، وديوانه ١٢.
(٦) في «ب» : «وهو أبلغ» وهو الصواب.
(٧) في «ب» بوعيد ؛ وهو خطأ وتحريف.
(٨) ما بين القوسين ساقط من «ب».
(٩) ما بين القوسين ساقط من «ب».