قوله : (هُدىً وَرَحْمَةً) العامة على النصب على الحال من «آيات» والعامل ما في اسم الإشارة من معنى الفعل أو المدح (١). وحمزة بالرفع على خبر (٢) مبتدأ مضمر وجوز بعضهم أن يكون «هدى» منصوبا على الحال حال رفع «رحمة». قال : ويكون رفعها على خبر ابتداء مضمر (٣) ، (وجوز بعضهم (٤) أن يكون هدى) أي وهو رحمة وفيه بعد.
فصل(٥)
قال في البقرة : ذلك الكتاب ، ولم يقل : «الحكيم» وههنا قال : «الحكيم» ؛ لأنه لما زاد ذكر وصف في الكتاب زاد ذكر أمر أحواله فقال هدى ورحمة وقال هنال : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) ، فقوله: «هدى» (في مقابلة (٦) قوله : «الكتاب» وقوله : «ورحمة») مقابلة قوله «الحكيم» ووصف الكتاب بالحكيم على معنى ذو الحكمة (٧) كقوله تعالى : (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [الحاقة : ٦٩] أي ذات رضا وقال هناك : «للمتّقين» وقال هنا : «للمحسنين» ؛ لأنه لما ذكر أنه هدى ولم يذكر شيئا آخر قال : «للمتّقين» أي يهدى (به (٨)) من يتقي من الشرك والعناد ، وههنا زاد قوله : (وَرَحْمَةً) فقال : «للمحسنين» ؛ لأن رحمة الله قريب من المحسنين وقال تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦] فناسب زيادة قوله «ورحمة» ، ولأن المحسن يتقي ، (وزيادة (٩)).
قوله : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ) صفة أو بدل أو بيان لما قبله ، أو منصوب أو مرفوع على (١٠) القطع وعلى كل تقدير فهو تفسير للإحسان. وسئل الأصمعي عن الألمعي فأنشد :
٤٠٤٩ ـ الألمعيّ الّذي يظنّ بك الظّن |
|
ن كأن قد رأى وقد سمعا (١١) |
يعني أن الألمعي هو الذي إذا ظن شيئا كان كمن رآه وسمعه كذلك المحسنون هم
__________________
(١) انظر : الكشف ٢ / ١٨٧ ، ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٣٢٦ ، والحجة في القراءات السبع لابن خالويه ٢٨٤ ، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤٣ / ١٩٣ ، وإعراب القرآن للنحاس ٣ / ٢٨١.
(٢) انظر : معاني الفراء ٢ / ٣٢٦ ، والإتحاف ٣٤٩ ، والسبعة ٥١٢.
(٣) انظر : التبيان لأبي البقاء ١٠٤٣ وتأويل ذلك أيضا في مشكل إعراب القرآن لمكي ٢ / ١٨١.
(٤) زيادة لا معنى لها من «أ».
(٥) في «ب» فإن قيل بدل «فصل».
(٦) ساقط من «ب».
(٧) انظر : تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ١٣٩.
(٨) سقط من «ب».
(٩) زيادة من «أ».
(١٠) نقله القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن ١٤ / ٥٠.
(١١) البيت من المنسرح وهو لأوس بن حجر وهو ثالث بيت من قصيدة يمدح فيها فضالة بن كلدة في حياته ورثائه بعد مماته والشاهد بالبيت «الذي يظن» فهو يفسر الموصوف وهو الألمعي كما أن «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ» مفسّر «للمحسنين» الموصوف أي هم المعينون. انظر : ذيل الأمالي والنوادر ٣٤ ، والخصائص ٢ / ١١٢ ، والكامل للمبرد ٤ / ٣٧ و ٣٨ والبحر المحيط ٧ / ١٨٣ والكشاف ٣ / ٢٢٩ وديوان أوس «٣».