عليه شيطانين أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت قال النحويون قوله : (لَهْوَ الْحَدِيثِ) من باب الإضافة بمعنى «من» ؛ لأن اللهو يكون حديثا وغيره فهو كباب (١) ، وهذا أبلغ من حذف المضاف (٢).
قوله : «ليضلّ» (قرأه ابن (٣) كثير وأبو عمرو) بفتح حرف المضارعة ، والباقون (٤) بضمه لم ن «أضلّ غيره» فمفعوله محذوف ، وهو مستلزم (٥) للضلال لأن من «أضلّ» فقد «ضلّ» من غير عكس ، وقد تقدم ذلك في إبراهيم (٦). قال الزمخشري هنا : فإن (٧) قلت : القراءة بالرفع بينة لأن النضر كان غرضه باشتراء اللهو أن يصد الناس عن الدخول في الإسلام واستماع القرآن ويضلهم عنه ، فما معنى القراءة بالفتح؟ قلت : معنيان :
أحدهما : ليثبت على ضلالة الذي كان عليه ولا يصدف (٨) ويزيد فيه ويمده فإن المخذول كان شديد التمكّن في عداوة الدين وصد الناس عنه.
الثاني : أن موضع «ليضل» (موضع) (٩) من قبل أنّ من «أضلّ» كان ضالّا لا محالة ، فدل بالرّديف على المردوف.
فصل
روي عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير قالوا : (لهو (١٠)) الحديث هو الغناء (١١) ، والآية نزلت فيه ، ومعنى قوله : (يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) أي يستبدل ويختار الغناء والمزامير والمعازف على القرآن ، وقال ابن جريح (١٢) : هو الطبل (١٣) ، وقال الضحاك : هو الشرك (١٤) ، وقال قتادة : حسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحقّ (١٥).
__________________
(١) كان من المفروض (فهو كباب ساج وجبّة خز) وقيل : هو على حذف مضاف أي ذوات لهو حديث : انظر : الكشاف ٣ / ٢٢٩ ويكون المراد من هذا بيان الجنس الذي منه المضاف كما بين ذلك الزمخشري.
(٢) أي من تقديرنا : «ذات لهو» أو «ذي لهو».
(٣) هذه الفقرة التي بين القوسين زيادة من «ب».
(٤) انظر : الإتحاف ٢٧٢ و ٣٤٩ والكشاف بدون نسبة ٣ / ٢٣٠ والنشر ٢ / ٣٤٦ وتقريبه ص ١٥٩ ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ١٩٤ وإعراب القرآن للنحاس ٣ / ٢٨٢.
(٥) في «ب» وهو ملتزم.
(٦) يقصد قوله تعالى : «جَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ» وهي الآية «٣٠» من نفس السورة.
(٧) انظر : الكشاف ٣ / ٢٣٠.
(٨) هكذا هي هنا وفي الكشاف وما في «ب» يصد.
(٩) ساقط من «ب» وهي في الكشاف.
(١٠) ساقط من «ب».
(١١) نقله في زاد المسير ٦ / ٣١٦ والقرطبي ١٤ / ٥١.
(١٢) نقله في زاد المسير ٦ / ٣١٦.
(١٣) السابق.
(١٤) معاني القرآن للزجاج ٤ / ١٩٤.
(١٥) السابقان.