أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧) وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (١٨) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)(١٩)
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) لقمان قيل : أعجمي وهو الظاهر فمنعه للتعريف والعجمة الشخصية (١) ، وقيل : عربي مشتق من اللّقم وهو حينئذ مرجّل لأنه لم يسبق له وضع في النكرات (٢) ومنعه حينئذ للتعريف وزيادة الألف والنون (٣) ، والعامل في «إذ» مضمر.
قال ابن إسحاق (٤) لقمان هو ناعور (٥) بن ناحور بن تارخ ، وهو آزر ، وقال وهب (٦) كان ابن أخت أيوب وقال مقاتل : ذكر أنه كان ابن خالة أيوب ، وقال الواقدي (٧) : كان قاضيا في بني إسرائيل (٨) واتفق العلماء على أنه كان حكيما ولم يكن نبيا إلا عكرمة فإنه قال كان (٩) نبيا وانفرد بهذا القول وقال بعضهم خيّر لقمان بين النّبوّة والحكمة فاختار الحكمة ، وروي أنه كان نائما نصف النهار (١٠) فنودي يا لقمان : هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض فتحكم بين الناس بالحقّ فأجاب الصوت وقال : إن خيّرني ربي قبلت العافية ولم أقبل البلاء وإن عزم علي فسمعا وطاعة فإني أعلم إن فعل بي ذلك أعانني وعصمني فقالت الملائكة بصوت لا يراهم (١١) لم يا لقمان؟ قال : لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها يغشاه الظلم من كل مكان أن يعن فبالحري أن ينجو وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة ومن يكن في الدنيا ذليلا خير من أن يكون شريفا ، ومن يختر الدنيا على الآخرة تغنه الدنيا ولا يصيب الآخرة فتعجبت الملائكة من حسن منطقه فقام من نومه فأعطي الحكمة فانتبه وهو يتكلم بها ثم نودي داود بعده فقبلها ولم يشترط ما
__________________
(١) القرطبي ١٤ / ٥٩ وإعراب القرآن للنحاس ٣ / ٢٨٣.
(٢) السابقان.
(٣) السابقان.
(٤) ابن إسحاق محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولى قيس بن مخرمة أبو عبد الله المدنيّ أحد الأئمة الأعلام لا سيما في المغازي والسير عن أبيه وعطاء والزهري وعنه يحيى الأنصاري وعبد الله بن عون ، مات سنة ١٥١. انظر : خلاصة الكمال ٣٢٧ وانظر رأيه في القرطبي ١٤ / ٥٩.
(٥) في القرطبي «باعوراء».
(٦) وهب بن منبه بن كامل الأنباري الصنعاني أبو عبد الله الإخباري عن ابن عباس وجابر وأبي سعيد ، وعنه همام بن نافع وخلق ، قتل سنة ١١٠ ه. انظر : خلاصة الكمال «٤١٩». وانظر رأيه في القرطبي ١٤ / ٥٩.
(٧) الواقدي محمد بن عمران بن واقد الأسلمي مولاهم الواقدي أبو عبد الله المدني أحد الأعلام وقاضي العراق عن ابن عجلان وابن جريج ومالك وعنه أحمد بن منصور الرمادي وابن سعد مات سنة ٢٠٧ ، انظر : خلاصة الكمال ٣٥٣.
(٨) زاد المسير ٦ / ٣١٧ والقرطبي ١٤ / ٥٩.
(٩) المرجع السابق.
(١٠) في «ب» وسط النهار.
(١١) في «ب» لا يراه.