فالجواب من وجهين :
الأول : أن المراد أنكر أصوات الحيوانات صوتا الحمير فلا يرد السؤال.
الثاني : أن الآمر بمصلحة وعبادة لا ينكر صوته بخلاف صوت (الحمير) (١).
فصل
قال مقاتل : اخفض من صوتك (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ) أقبح الأصوات (لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) أوله زفير ، وآخره شهيق وهما صوت (أهل (٢) النار) وقال موسى بن أعين (٣) سمعت سفيان الثوري يقول في قوله تعالى : (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) قال صياح كل شيء تسبيح (٤) لله تعالى إلا الحمار وقال جعفر (٥) الصادق في قوله تعالى : (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) قال : هي العطسة (٦) القبيحة المنكرة ، قال وهب تكلم لقمان اثني عشر ألف كلمة من الحكمة أدخلها الناس في كلامهم ومن حكمه : قال خالد الربعي (٧) كان لقمان عبدا حبشيا فدفع (له) مولاه إليه شاة فقال اذبحها فأتني (٨) بأطيب مضغتين منها فأتاه باللّسان والقلب فسأله مولاه فقال : ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٢٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢١) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢) وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (٢٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)(٢٦)
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ...) الآية (أي) (٩) سخر لأجلكم ما في السماوات والقمر والنجوم مسخرات بأمره وفيها الفوائد لعباده وسخر ما في الأرض لأجل عباده.
__________________
(١) سقطت من «ب».
(٢) كذلك.
(٣) هو : موسى بن أعين الجزري أبو سعيد الحراني عن خصيف ، والأعمش وجماعة وعنه : الوليد بن مسلم وغيره مات سنة ١٧٧. انظر : خلاصة الكمال ٣٨٩.
(٤) نقله القرطبي في ١٤ / ٧٧ ، بلفظ «إلا نهيق الحمار».
(٥) تقدم.
(٦) في «ب» العطية الكبيرة وهو تحريف.
(٧) انظر : تفسير ابن كثير ٣ / ٤٤٣.
(٨) في «ب» وائتني.
(٩) ساقط من «ب».