يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (٢٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (٢٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ)(٣٠)
قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) لما قرر الأصول الثلاثة عاد إلى الأمثل الذي بدأ به وهو الرسالة المذكورة في قوله : (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ) وقال : إنك لست بدعا من الرسل بل كان قبلك رسل مثلك ، وذكر موسى لقربه (من) (١) النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ووجود من كان على دينه إلزاما لهم ، وإنما لم يختر عيسى ـ عليه (الصلاة و) (٢) السلام (للذكر) (٣) والاستدلال لأن اليهود ما كانوا يوافقون على نبوته ، وأما النصارى فكانوا يعترفون بنبوة عيسى (٤) عليهالسلام فتمسك بالمجمع عليه (٥).
قوله : (فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ) قرأ الحسن (٦) بالضم وهي لغة ، وقوله : (مِنْ لِقائِهِ) في الهاأ أقوال :
أحدها : أنها عائدة على «موسى» والمصدر مضاف لمفعوله أي من لقائك موسى ليلة الإسراء. وامتحن المبرد الزجاج في هذه المسألة فأجاب بما ذكر ، قال ابن عباس وغيره : المعنى فلا تكن في شك من لقاء موسى فإنك تراه وتلقاه (٧) ، روى ابن عباس عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : رأيت ليلة أسري (٨) بي موسى (٩) رجلآدم (١٠) طوالا جعدا (١١) كأنه من رجال شنوءة ، ورأيت عيسى رجلامربوعا (١٢) إلى الحمرة والبياض سبط (١٣) الرأس ، ورأيت مالكا خازن النار والدجال في آيات أراهني الله إياه.
والثاني : أن الضمير يعود على «الكتاب» وحينئذ يجوز أن تكون الإضافة للفاعل أي من لقاء الكتاب لموسى (١٤) أو للمفعول أي من لقاء موسى (١٥) الكتاب لأن اللقاء يصح نسبته إلى كل منهما ، لأن من لقيك فقد لقيته.
__________________
(١) ساقط من «ب».
(٢) زيادة من «ب».
(٣) ساقط من «ب».
(٤) هكذا هي هنا.
(٥) انظر : التفسير الكبير للفخر الرازي ٢٥ / ١٨٥ و ١٨٦.
(٦) ذكرها أبو حيان ٧ / ٢٠٥.
(٧) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير ٦ / ٣٤٣.
(٨) في «ب» الإسراء.
(٩) الحديث رواه السيوطي في جامع الأحاديث ٤ / ١٩٤.
(١٠) أي لأدمة فيه.
(١١) أي مجتمع بعض على بعض.
(١٢) أي لا بالطويل ولا بالقصير.
(١٣) أي مسترسل غير جعد.
(١٤) وهو رأي الزجاج. انظره في معاني القرآن ٤ / ٢٠٩.
(١٥) وهو رأي أبي علي الفارسي ، انظر : زاد المسير ٦ / ٣٤٣.