سورة الأحزاب
مكية (١) نزلت بعد آل عمران ، وهي ثلاث وسبعون آية ومائتان وثمانون كلمة وخمسة آلاف وسبعمائة حرف.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١) وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٢) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٣) ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)(٥)
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) اعلم أن الفرق بين نداء المنادى بقوله : «يا رجل» ويأيّها الرّجل ، أن قوله : «يا رجل» يدل على النداء ، وقوله : «يا أيها الرجل» يدل على ذلك وينبىء عن خطر المنادى له أو غفلة المنادى فقوله : «يأيها» لا يجوز حمله على غفلة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لأن قوله : «النبي» ينافي الغفلة ؛ لأن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خبير ، فلا يكون غافلا ، فيجب حمله على خطر الخطب (٢).
فإن قيل : الأمر بالشيء (٣) لا يكون إلا عند عدم اشتغال المأمور بالمأمورية إذ لا يصلح أن (يكون) (٤) يقال للجالس : اجلس وللساكت (٥) اسكت والنبي ـ عليه
__________________
(١) نقل الإمام الشوكاني في فتح القدير أنها مدنية ، ونزلت بالمدينة وانظر : فتح القدير ٤ / ٢٥٩. وذكر ابن الجوزي كذلك في زاد المسير ٦ / ٣٤٧ ، والإمام القرطبي في الجامع ١٤ / ١١٣.
(٢) وانظر هذا في تفسير الإمام الفخر ٢٥ / ١٨٩ ، قال : ونحن نقول : قول القائل : يا رجل يدل على النداء ، وقوله : يأيها الرجل يدل على ذلك أيضا وينبىء عن خطر خطب المنادى له أو غفلة المنادى.
(٣) هكذا هي هنا وفي «ب» بالنبي وهو تحريف.
(٤) زيادة لا معنى لها.
(٥) في (ب) ولا للساكت.