كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (٩٣) فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥) قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٩٨) وَما أَضَلَّنا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ (٩٩) فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ (١٠٠) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١) فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٢) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)(١٠٤)
قوله تعالى : (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ) أي : أن (١) الجنة تكون قريبة من موقف السعداء ينظرون إليها ويفرحون بأنهم المحشورون إليها (٢). (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ) أي : أظهرت (٣).
وقرأ مالك بن دينار (٤) : «وبرزت» بفتح الباء والراء (٥) خفيفة مبنيا للفاعل مسندا ل «الجحيم» ، فلذلك رفع (٦) ، والمراد ب «الغاوين» الكافرون (٧).
(وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ) : يمنعونكم من العذاب بنصرتهم ، أو ينفعون أنفسهم بانتصارهم.
قوله : «فكبكبوا» أي : ألقوا وقلب بعضهم على بعض. قال الزمخشري : الكبكبة : تكرير الكب ، جعل التكرير في اللفظ دليلا على التكرير في المعنى (٨).
وقال ابن عطية نحوا منه (٩) ، قال : وهو الصحيح ، لأن تكرير الفعل (١٠) بين نحو : صر وصرصر (١١) ، وهذا هو مذهب الزجاج (١٢).
وفي مثل هذا البناء ثلاثة مذاهب :
أحدها : هذا.
والثاني : وهو مذهب البصريين أن الحروف كلها أصول.
والثالث : وهو قول الكوفيين : أن الثالث مبدل من مثل الثاني. فأصل «كبكب» : كبب ، بثلاث باءات ، ومثله «لملم ، وكفكف» ، هذا إذا صح المعنى بسقوط الثالث ،
__________________
(١) أن : سقط من الأصل.
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٥٢.
(٣) انظر البغوي ٦ / ٢٢٤.
(٤) تقدم.
(٥) في الأصل : الراء والباء.
(٦) تفسير ابن عطية ١١ / ١٢٧ ، البحر المحيط ٧ / ٢٧.
(٧) انظر القرطبي ١٣ / ١١٥ ـ ١١٦.
(٨) الكشاف ٣ / ١١٩.
(٩) قال ابن عطية : (و «كبكب» مضاعف من «كب» هذا قول الجمهور) تفسير ابن عطية ١١ / ١٢٨.
(١٠) في تفسير ابن عطية : لأن معناهما واحد والتضعيف.
(١١) تفسير ابن عطية ١١ / ١٢٨.
(١٢) قال الزجاج : (ومعنى كبكبوا طرح بعضهم على بعض ، وقال أهل اللغة معناه : هوروا. وحقيقة ذلك في اللغة تكرير الانكباب كأنه إذا ألقي ينكب مرة بعد مرة حتى يستقر فيها يستجير بالله منها) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٩٤.