ـ بضم الباء وفتح الدال مشدّدة ـ مقصورا (١) كغاز وغزّى ، وسار وسرّى. وليس بقياس ، وإنما قياسه في باد وبداة ، كقاض وقضاة ، ولكن حمل على الصحيح كقولهم : «ضرّب» (٢). وروي عن ابن عباس قراءة ثانية بزنة «عدّى» وثالثة : «بدوا» فعلا ماضيا(٣).
(قوله) (٤) : «يسألون» يجوز أن يكون مستأنفا (٥) ، وأن يكون حالا من فاعل «يحسبون(٦)» والعامة على سكون (٧) السين بعدها «همزة» ، ونقل ابن عطية عن أبي عمرو وعاصم بنقل حركة الهمزة إلى السين كقوله : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ) [البقرة : ٢١١]. وهذه ليست بالمشهورة عنهما ، ولعلها نقلت عنهما شاذة ، وإنما هي معروفة بالحسن والأعمش (٨) ، وقرأ زيد بن عليّ والجحدريّ وقتادة والحسن «يسّاءلون» بتشديد (٩) السين والأصل «يتساءلون» فأدغم ، أي يسأل بعضهم بعضا.
فصل
(يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ) أخباركم ، وما آل إليه أمركم (وَلَوْ كانُوا) يعني هؤلاء المنافقين (فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً). أي يقاتلون قليلا يقيمون به عذرهم فيقولون : قد قاتلنا ، قال الكلبيّ: (إِلَّا قَلِيلاً) أي رميا بالحجارة. وقال مقاتل : إلّا رياء وسمعة من غير احتساب (١٠).
(قوله) تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) قرأ عاصم : «أسوة» بضم الهمزة حيث وقعت هذه اللفظة والباقون بكسرها (١١). وهما لغتان كالغدوة والغدوة (١٢) والقُدوة والقِدوة والأسوة بمعنى الاقتداء أي قدوة صالحة ، وهي اسم وضع موضع المصدر وهو «الايتساء» فالأسوة من الايتساء كالقدوة من الاقتداء ، وائتسى فلان بفلان أي اقتدى به (١٣) ، وأسوة اسم «كان» وفي الخبر وجهان :
__________________
(١) ذكرها في القرطبي ١٤ / ١٥٥ و ١٥٤ وهي من القراءات الشاذة غير المتواترة ، وقد ذكرها ابن خالويه في المختصر ١١٩ وقال : «بادون جمع سلامة وبدّى جمع تكسير» ثم قال : «ورويت عن ابن مسعود».
وانظر كذلك المحتسب لابن جني ٢ / ١٧٧ وشواذ القرآن ١٩٣.
(٢) قاله السمين في الدر المصون ٤ / ٣٧٥.
(٣) ذكرها أبو حيان في بحره ٧ / ٢٢١ وذكر الزمخشري القراءة الأولى في الكشاف ٣ / ٢٥٦.
(٤) ساقط من «أ» وزيادة من «ب».
(٥) ذكره السمين في الدر ٤ / ٣٧٥.
(٦) المرجع السابق والتّبيان ١٠٥٤.
(٧) فتكون «يسألون» وانظر البحر ٧ / ٢٢١.
(٨) المرجع السابق وانظر : معاني الفرّاء ٢ / ٣٣٩.
(٩) المرجعان السابقان والإتحاف ٣٥٤ والقرطبي ١٤ / ١٥٥ وهي قراءة يعقوب أيضا في رواية رويس.
(١٠) حكاهما القرطبي في المرجع السابق.
(١١) السبعة ٥٢٠ والإتحاف ٣٥٤ ومعاني الفراء ٢ / ٣٣٩.
(١٢) فالضم لقيس والحسن وأهل الحجاز يقرؤون إسوة ـ بالكسر ـ حكاه الفراء في معانيه ٢ / ٣٣٩.
(١٣) نقله السمين في الدر ٤ / ٣٧٦.