دخلت المسجد والمسلمون يقولون طلق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نساءه أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن قال : نعم إن شئت فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نساءه ونزلت هذه الآية : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء : ٨٣] فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر وأنزل الله آية التخيير وكانت تحت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يومئذ تسع نسوة خمس من قريش عائشة بنت أبي بكر ، وحفصة بنت عمر ، وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان وأمّ سلمة بنت أمية ، وسودة بنت زمعة وغير القرشيات زينب بنت جحش الأسدية ، وميمونة بنت الحارث الهلالية وصفية بنت حييّ بن أخطب الخيبريّة وجويرية بنت الحارث المصطلقيّة ، فلما نزلت آية التخيير بدأ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعائشة وكانت أحبهن إليه فخيرها فقرأ عليها (القرآن) (١) فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة. ورؤي الفرح في وجه رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وتابعنها على ذلك ، قال قتادة فلما اخترن الله (٢) ورسوله شكرهن الله على ذلك وقصره عليهن فقال : «لا تحل لك النساء من بعد». وعن جابر بن عبد الله قال (٣) : دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فوجد الناس جلوسا ببابه لم يؤذن لواحد (٤) منهم قال : فأذن لأبي بكر فدخل ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له فوجد النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ جالسا حوله نساؤه واجما (٥) ساكنا قال : فقال : لأقولنّ شيئا أضحك النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : يا رسول الله لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها فضحك النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقال : هن حولي كما ترى يسألنني النفقة فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها كلاهما يقول (٦) : تسألن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ شيئا أبدا ليس عنده ثم اعتزلهن شهرا أو تسعا وعشرين يوما ثم نزلت هذه الآية : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ) حتى بلغ (لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) قال : فبدأ بعائشة فقال : يا عائشة إني أعرض عليك أمرا لا أحب أن تعجلي حتى تستشيري أبويك ، قالت : وما هو يا رسول الله فتلا عليها الآية فقالت : أفيك يا رسول الله أستشير أبويّ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي (٧) قلت ، قال : لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها إنّ الله لم يبعثني معنتا (٨) ولا متعنتا ولكن بعثني معلما مبشرا. وروى الزهري
__________________
(١) سقط من «ب».
(٢) قاله ابن الجوزي في تفسيره ٦ / ٣٧٨.
(٣) رواه الإمامان البخاري ومسلم واللفظ للإمام مسلم انظر : صحيح مسلم «باب الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن» ٢ / ١١٠٥ و ١١٠٦ وانظر : الدر المنثور للسيوطي ٥ / ١٩٤ وقد زاد نسبته للإمام أحمد والنسائي وابن مردويه عن جابر ، وانظر القرطبي ٤ / ١٦٢ و ١٦٣.
(٤) في صحيح مسلم «لأحد منهم» وهو ما في «ب».
(٥) في «ب» ورجع ساكتا وهو خلاف ما في مسلم وغيره.
(٦) في «ب» لا تسألن بالنفي وهو بخلاف ما في المراجع.
(٧) في «ب» و «أ» ما الذي بصيغة الاستفهام.
(٨) في «ب» مفتنا ولا متفتنا.