عائشة قالت : خيرنا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فاخترنا الله ورسوله فلم يعد ذلك شيئا.
قوله : (أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ) العامة على جزمهما ، وفيه وجهان :
أحدهما : أنه مجزوم على جواب الشرط ، وما بين الشرط وجوابه (١) معترض ، ولا يضر دخول الفاء على جملة الاعتراض ومثله في دخول الفاء قوله :
٤٠٨٤ ـ واعلم فعلم المرء ينفعه |
|
أن سوف يأتي كلّ ما قدرا (٢) |
يريد : واعلم أن سوف يأتي.
والثاني : أن الجواب قوله «فتعالين» و «أمتعكن» جواب لهذا الأمر ، وقرأ زيد بن علي «أمتعكنّ» بتخفيف التاء من «أمتعه» (٣) وقرأ حميد الحزّاز (٤) «أمتعكن وأسرحكن» بالرفع فيهما على الاستئناف (٥) و «سراحا» قائم مقام التّسريح.
فصل
قال ابن الخطيب : وههنا (٦) مسائل منها هل كان هذا التخيير واجبا على النبي (صلىاللهعليهوسلم (٧)) أم لا والجواب أن التخيير كان قولا واجبا من غير شك لأنه إبلاع للرسالة لأن الله تعالى لما قال (له (٨)) : «قل لهم» صار من الرسالة ، وأما التخيير معنى فمبني على أن الأمر للوجوب أم لا ، والظاهر أنه للوجوب ومنه أن واحدة منهم لو اختارت الفراق هل كان يصير اختيارها فراقا. والظاهر أنه لا يصير فراقا وإنما تبين المختارة نفسها فإنه من جهة النبي عليه (٩) السلام لقوله : (فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) ومنها أن واحدة منهن لو اختارت نفسها وقلنا إنها لا تبين إلا بإبانة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فهل كان يجب على النبي عليه (الصلاة (١٠) و) السلام الطلاق أم لا؟ الظاهر نظرا إلى منصبه عليه (الصلاة (١١)و) السلام أنه كان طلاقا لأن الخلف في الوعد من النبي غير جائز بخلاف أحدنا فإنه لا يلزمه شرعا الوفاء بما يعد ، ومنها أن المطلقة بعد البينونة هل كانت تحرم
__________________
(١) ذكرها السمين في الدر ٤ / ٣٨١ وفيه «وجزائه» بدلا من «وجوابه».
(٢) البيت من تام الكامل وهو مجهول القائل. وانظر : البحر المحيط ٧ / ٢٢٧ وشذور الذهب ٣٤٧ ، ومعاهد التنصيص ١ / ١٢٨ والأشموني ١ / ٢٩٢ والهمع ١ / ١٤٨ وشرح شواهد المغني ٨٢٨ والمغني ٣٩٨ وشواذ القرآن «١٩٣» و «١٩٤».
(٣) ذكرها أبو حيان في بحره ٧ / ٢٢٧ وانظر : شواذ القرآن ١٩٤ للكرماني.
(٤) هو حميد بن ربيع أبو القاسم السابوري الحزّاز ، روى القراءة عن الكسائي وعنه محمد بن إسحاق السراج غاية النهاية ١ / ٢٦٥.
(٥) ذكرها ابن خالويه في المختصر ١١٩ وانظر ما سبق من المراجع.
(٦) الرازي ٢٥ / ٢٠٥ و ٢٠٦.
(٧) ساقط من «ب».
(٨) كذلك.
(٩) في «ب» صلىاللهعليهوسلم.
(١٠ و ١١) زيادة من نسخة «ب».