العدو له ، فيقال (١) : هم صديق ، وهم عدو ، وقد تقدم (٢). وإنما جمع «الشافعين» ووحّد «الصديق» لكثرة الشفعاء في العادة وقله الصديق (٣).
قوله : (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً). لو (٤) يجوز أن تكون المشربة معنى (٥) التمني ، فلا جواب لها على المشهور ، ويكون نصب «فنكون» جوابا للتمني الذي أفهمته «لو» (٦) ويجوز أن تكون على بابها ، وجوابها محذوف ، أي : لوجدنا شفعاء وأصدقاء ، أو لعملنا صالحا (٧) وعلى هذا فنصب الفعل ب «أن» مضمرة عطفا على «كرة» أي : لو أنّ لنا كرّة (فكونا) (٨) كقولها :
٣٩١٥ ـ للبس عباءة وتقرّ عيني (٩)
فصل
قال الجبائي : قولهم : (فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ليس بخبر عن إيمانهم ، لكنه خبر عن عزمهم ، لأنه لو كان خبرا عن إيمانهم لوجب أن يكون صدقا ، لأن الكذب لا يقع من أهل الآخرة ، وقد أخبر الله تعالى بخلاف ذلك في قوله : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ)(١٠) [الأنعام : ٢٨] وقد تقدم في سورة الأنعام بيان فساد هذا الكلام (١١).
قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) أي : فيما ذكره من قصة إبراهيم ـ عليهالسلام (١٢) ـ لآية لمن يريد أن يستدل بذلك ثم قال : (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) حمله أكثر المفسرين على
__________________
(١) في ب : يقال.
(٢) انظر المذكر والمؤنث لابن الأنباري ١ / ٢٨٨ ـ ٢٩٠ ، الكشاف ٣ / ١٢٠.
(٣) انظر الكشاف ٣ / ١١٨.
(٤) لو : سقط من ب.
(٥) في ب : معنى.
(٦) انظر الكشاف ٣ / ١٢٠ ، البيان ٢ / ٢١٥ ، أمالي ابن الشجري ١ / ٢٨٠ ، البحر المحيط ٧ / ٢٠.
(٧) انظر الكشاف ٣ / ١٢٠ ، التبيان ٢ / ٩٩٨ ، البحر المحيط ٧ / ٢٠.
(٨) فكونا : تكملة ليست في المخطوط.
(٩) صدر بيت من الوافر قالته ميسون بنت بحدل زوج معاوية بن أبي سفيان وعجزه :
أحبّ إليّ من لبس الشّفوف
وهو في الكتاب ٣ / ٤٥ ، المقتضب ٢ / ٢٦ ، أمالي ابن الشجري ١ / ٢٨٠ ، ابن يعيش ٧ / ٢٥ ، المغني ١ / ٢٦٧ ، ٢٨٣ ، ٢ / ٣٦١ ، ٤٧٩ ، ٥٥١ ، التصريح ٢ / ٢٤٤ ، الهمع ٢ / ١٧ ، شرح شواهد المغني ٢ / ٦٥٣ ، ٧٧٨ ، الأشموني ٣ / ٣١٣ ، الخزانة ٨ / ٥٩٣ ، الدرر ٢ / ١٠. العباءة : جبة الصوف. قرّت عينه :بردت ، كناية عن السرور والرضا. الشفوف : جمع شف ـ بكسر السين وفتحها ـ وهو الثوب الرقيق يصف البدن. والشاهد فيه نصب (تقر) بإضمار (أن) بعد الواو ، ليعطف على اللبس ، لأنه اسم و (تقر) فعل ، فلا يمكن عطفه عليه ، فحمل على إضمار (أن) ، لأن (أن) وما بعدها اسم ، فعطف اسما على اسم وجعل الخبر عنهما واحدا ، وهو (أحب).
(١٠) [الأنعام : ٢٨]. وانظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٥٣.
(١١) انظر اللباب ٣ / ٣٩٨ ـ ٣٩٩.
(١٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.