(قوم إبراهيم ، ثم بين تعالى أن مع كل هذه الدلائل فأكثر قومه لم يؤمنوا به ، فيكون هذا تسلية للرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيما يجده) (١) من تكذيب (٢) قومه (٣). (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) أي : أنه قادر على تعجيل الانتقام لكنه رحيم بالإمهال لكي يؤمنوا (٤).
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٠٦) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٠٨) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٩) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١١٠) قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١) قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسابُهُمْ إِلاَّ عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣) وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤) إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١١٥) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (١١٦) قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١١٨) فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١١٩) ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ (١٢٠) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٢١) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)(١٢٢)
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) الآيات. لما قصّ على محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خبر موسى وإبراهيم ـ عليهماالسلام (٥) ـ تسلية له مما يلقاه من قومه قص عليه أيضا نبأ نوح ، فقد كان نبؤه (٦) أعظم من نبأ غيره ، لأنه دعاهم ألف سنة إلا خمسين عاما ، ومع ذلك كذبه قومه (٧).
قوله : (كَذَّبَتْ) إنما أنث فعل القوم لأنه مؤنث بدليل تصغير «القوم» على (قويمة) (٨) وقيل : لأن القوم بمعنى أمّة ، ولما كانت آحاده عقلاء ذكورا وإناثا عاد (٩) الضمير عليه باعتبار تغليب الذكور ، فقيل : لهم أخوهم (١٠). وحكى عنهم أنهم كذبوا المرسلين لوجهين :
أحدهما : أنهم (١١) وإن كذبوا نوحا لكن تكذيبه في المعنى يتضمن تكذيب غيره ، لأن طريقة معرفة الرسل لا تختلف من حيث المعنى ؛ لأن كل واحد من المرسلين جاء بما جاء به الآخر ، فلذلك (١٢) حكى عنهم أنهم كذبوا المرسلين.
وثانيهما : أن قوم نوح كذبوا جميع رسل الله ، إما لأنهم كانوا من الزنادقة أو من البراهمة (١٣).
__________________
(١) ما بين القوسين بياض في الأصل ، وسقط من ب ، وهو من الفخر الرازي.
(٢) في ب : من كذب.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٥٣.
(٤) المرجع السابق.
(٥) في ب : عليهما الصلاة والسلام.
(٦) نبؤه : سقط من ب.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٥٤.
(٨) انظر الكشاف ٣ / ١٢٠ ، البحر المحيط ٧ / ٣٠.
(٩) في ب : أعاد.
(١٠) انظر البحر المحيط ٧ / ٣٠.
(١١) أنهم : سقط من ب.
(١٢) في ب : فكذلك. وهو تحريف.
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٥٤.