نص النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لا يعمل بقول الصّحابيّ بل يؤخذ النور من النبي ولا يؤخذ من الصحابي ، فلم يجعله سراجا.
قوله : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) عطف على مفهوم تقديره : «إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا فاشهد وبشر» ولم يذكر «فاشهد» للاستغناء عنه ، وأما البشارة فذكرت إشارة للكرم ، ولأنها غير واجبة لولا الأمر (١). وقوله (بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً) كقوله تعالى : (أَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً) عظيماو العظيم والكبير متقاربان.
قوله : (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) تقدم تفسيره أول السورة ، وهو إشارة إلى الإنذار يعني خالفهم وردّ عليهم.
قوله : (وَدَعْ أَذاهُمْ) يجوز أن يكون «أذاهم» مضافا لمفعوله أي اترك أذاك لهم ، أي عقابك إياهم (٢).
قال الزجاج : لا تجازهم (٣) عليه ، وهذا منسوخ بآية السيف ، ويجوز أن يكون مضافا لفاعله أي اترك ما (٤) أذوك به فلا تؤاخذهم حتى تؤمر أي دعه إلى الله فإنه يعذبهم بأيديكم وبالنار ، وبين هذا قوله تعالى : (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) أي حافظا.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٤٩) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٠) تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً (٥١) لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً)(٥٢)
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ...) الآية وجه تعلق الآية (٥) بما
__________________
(١) قاله الرازي في تفسيره (٢٥ / ٢١٨) ، وفيه : إبانة للكرم ، وليس إشارة.
(٢) الدر المصون ٤ / ٣٩٤.
(٣) معاني القرآن وإعرابه له ٤ / ٢٣١.
(٤) الدر المصون المرجع السابق.
(٥) ذكره الفخر الرازي في تفسيره ٢٥ / ٢١٨ و ٢١٩.