التزويج ، وبه قال ربيعة ومالك والشافعي (١) ، ومعنى الآية أنّ إباحة الوطء بالهبة وحصول التزويج بلفظها من خواصه عليهالسلام. وقال النخعيّ وأبو حنيفة وأهل الكوفة ينعقد بلفظ الهبة (٢) والتمليك وأن معنى الآية أن تلك المرأة صارت خالصة لك زوجة من أمهات المؤمنين ولا تحل لغيرك أبدا بالتزويج وأجيب بأن هذا التخصيص بالواهبة لا فائدة فيه فإن أزواجه كلهن خالصات له ، وما ذكرناه (يتبين) (٣) للتخصيص فائدة.
فصل
اختلفوا في التي وهبت نفسها لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هل كانت عنده امرأة منهن فقال عبد الله بن عباس ومجاهد : لم يكن عند النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ امرأة وهبت نفسها منه ولم يكن عنده امرأة إلا بعقد نكاح أو ملك يمين (٤) ، وقوله : (وَهَبَتْ نَفْسَها) على طريق الشرط والجزاء ، وقيل : بل كانت موهوبة واختلفوا فيها ، فقال الشعبي : هي زينب بنت خزيمة الهلالية (٥) يقال لها : أم المساكين (٦) ، وقال قتادة (٧) : هي ميمونة بنت الحارث (٨) ، وقال علي بن الحسين والضحاك ومقاتل (٩) : أمّ شريك بنت جابر من بني أسد (١٠) ، وقال عروة بن الزبير (١١) : هي خولة بنت حكيم من بني (١٢) سليم.
قوله : (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا) أوجبنا على المؤمنين (فِي أَزْواجِهِمْ) من الأحكام أن لا يتزوجوا أكثر من أربع ولا يتزوجوا إلا بولي وشهود ومهر (وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) أي ما أوجبنا من الأحكام في ملك اليمين ، وإنما ذكر هذا لئلا يحمل واحد من المؤمنين نفسه على ما كان النبي عليهالسلام فإن له في النكاح خصائص ليست لغيره ، وكذلك في السّراري.
قوله : «لكيلا» يتعلق «بخالصة» (١٣) وما بينهما اعتراض و (مِنْ دُونِ) متعلق «بخالصة» كما تقول : خلص (١٤) من كذا.
__________________
(١) انظر : معالم التنزيل ٥ / ٢٦٨ وتفسير الخازن ٥ / ٢٦٨.
(٢) المرجعان السابقان.
(٣) زيادة للسياق.
(٤) القرطبي ١٤ / ٢٠٨.
(٥) السابق.
(٦) لكثرة إطعامها المساكين ، انظر : أسد الغابة ٤٦٦ / ٥.
(٧) السابق.
(٨) ماتت سنة ٤٩ ه ، أعلام النساء ٥ / ١٣٨ و ١٣٩.
(٩) البغوي ٥ / ٢٦٨ والقرطبي ١٤ / ٢٠٩.
(١٠) الأنصارية واسمها غزية أو غزيلة. انظر : القرطبي السابق وأسد الغابة ٥ / ٥٩٤.
(١١) معالم التنزيل للبغوي ٥ / ٢٦٨.
(١٢) لها خمسة عشر حديثا وروى عنها عمر بن عبد العزيز وعروة ، انظر : خلاصة الكمال ٤٩٠.
(١٣) هذا قول الزمخشري في الكشاف ٣ / ٢٦٩ والسمين في الدر ٤ / ٣٩٨.
(١٤) المرجع الأخير السابق وقد جعل أبو البقاء وابن الأنباري ومكي «أحللنا» هو المتعلق «لكيلا». انظر : التبيان ١٠٥٩ والبيان ٢ / ٢٧١ ومشكل الإعراب ٢ / ١٩٩.