مِنْ أَزْواجٍ) كانت العرب في الجاهلية يتبادلون بأزواجهم يقول (١) الرجل : بادلني بامرأتك وأبادلك بامرأتي ، تنزل لي عن امرأتك وانزل لك عن امرأتي (٢) ، فأنزل الله ـ عزوجل ـ (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) يعني تبادل بأزواجك غيرك بأن تعطيه زوجتك وتأخذ زوجته (إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) لا بأس أن تبادل بجاريتك ما شئت ، فأما الحرائر فلا ، روى عطاء بن (٣) يسار عن أبي هريرة قال : دخل عيينة بن حصن على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بغير إذن وعنده عائشة فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يا عيينة أين الاستئذان؟ قال يا رسول الله : ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت ، ثم قال : من هذه الحميراء التي (٤) جنبك؟ فقال : هذه عائشة أم المؤمنين فقال عيينة : أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق (٥)؟ فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إن الله قد حرم ذلك فلما خرج قالت عائشة : من هذا يا رسول الله؟ قال: هذا أحمق مطاع وإنه على ما ترين لسيد قومه. قوله : (وَلَوْ أَعْجَبَكَ) كقوله : «أعطوا السائل ولو على فرس» أي في كل حال ولو على هذه الحال المنافية قال الزمخشري (٦) : قوله «حسنهن» في معنى الحال.
فصل
معنى (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ) أي ليس لك أن تطلق أحدا من نسائك وتنكح بدلها أخرى ولو أعجبك جمالها. قال ابن عباس (٧) يعني أسماء بنت عميس الخثعميّة (٨) امرأة جعفر بن أبي طالب فلما استشهد جعفر أراد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يخطبها فنهي عن ذلك. وقال بعض المفسرين (٩) ظاهر هذا ناسخ لما كان قد ثبت له عليه (الصلاة (١٠) و) السلام من أنه إذا رأى واحدة فوقعت في قلبه موقعا كانت تحرم على الزوج ويجب عليه طلاقها. وهذه مسألة حكمية وهي أن النبي عليه (الصلاة و (١١)) السلام وسائر الأنبياء (١٢) في أول النبوة يشتد عليهم برحاء الوحي ثم يستأنسون به فينزل عليهم وهم متحدّثون (١٣)
__________________
(١) في «ب» يقول الرجل للرجل.
(٢) وهو نفس رأي أبي هريرة رضي الله عنه ، انظر : المرجع السابق ومعالم التنزيل للبغوي ٥ / ٢٧١ وتفسير الخازن ٥ / ٢٧١.
(٣) المرجعان السابقان الأخيران.
(٤) في «ب» إلى جنبك وكذلك في المرجعين الأخيرين.
(٥) وفيهما : وتنزل لي عن هذه.
(٦) قال في الكشاف ٣ / ٢٧١ : ولو أعجبك في موضع الحال من الفاعل وهو الضمير في «تبدّل» لا من المفعول الذي هو «من أزواج» لأنه موغل في التنكير وتقديره : «مفروضا إعجابك بهن».
(٧) معالم التنزيل للبغوي ٥ / ٢٧١.
(٨) هي الخثعمية من المهاجرات الأول وأخت ميمونة لأمها لها ستون حديثا ، انظر : الخلاصة ٤٨٨ وفي «ب» الحنفية وهو تحريف.
(٩) وهو الفخر الرازي.
(١٠ و ١١) زيادتان من «ب».
(١٢) انظر : التفسير الكبير للإمام الفخر الرازي ٢٥ / ٢٢٢.
(١٣) في الفخر : «يتحدثون».