ابن أبي عبلة «غير» بالجر (١) صفة لطعام واستضعفها الناس من أجل عدم بروز الضمير لجريانه على غير من هو له فكان من حقه أن يقال : غير ناظرين إناه أنتم ، وهذا رأي البصريين (٢) ، والكوفيون يجيزون ذلك إن لم يلبس كهذه (٣) الآية ، وقد تقدمت هذه المسألة وفروعها وما قيل فيها ، وهل (٤) هذا مختص بالاسم أو يجري في الفعل خلاف مشهور قلّ من يضبطه (٥).
قوله : «إناه» قرأ العامة «إناه» مفردا أي نضجه ، يقال : أنى الطّعام إنّى ، نحو : قلاه قلّى ، أي غير منتظرين إدراكه ووقت نضجه (٦) ويقال : أنى الحميم (٧) إذا انتهى حرّه ، وأنى أن يفعل (٨) كذا أي حان إنى بكسر الهمزة مقصورة ؛ وقرأ الأعمش «آناءه» جمعا على أفعال (٩) ، فأبدلت الهمزة الثانية ألفا والياء همزة لتطرفها بعد ألف زائدة فصار في اللفظ «كآناء» من قوله : (وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ) وإن كان المعنى مختلفا ، قال البغويّ : إذا فتحت (١٠) الهمزة مددت فقلت : الآناء وفيه لغتان أنى يأني ، وآن يئين مثل : حان يحين.
قوله : (وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ) أكلتم «فانتشروا» تفرقوا واخرجوا من منزله.
فصل
قال ابن الخطيب قوله : (إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ) إما أن يكون فيه تقديم وتأخير تقدير ه «ولا تدخلوا إلى طعام إلا أن يؤذن لكم» فلا يكون منعا من الدخول في غير وقت
__________________
(١) انظر : البحر المحيط ٧ / ٢٤٦ والكشاف ٣ / ٢٧٠ والبيان ٢ / ٢٧٢ وهي من الشواذ غير المتواترة.
(٢) كابن الأنباري انظر : المرجع السابق والمرجعين السابقين له.
(٣) وممن أجاز ذلك الفراء في معانيه ٢ / ٣٤٧.
(٤) في «ب» وقيل : وهو تحريف.
(٥) عند الآية ٤ من سورة «الشعراء» وهي قوله : «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ».
(٦) انظر : غريب القرآن لابن قتيبة ٣٥٢ ومجاز القرآن لأبي عبيدة ٢ / ١٤٠ والقرطبي ١٤ / ٢٢٦ والبحر المحيط ٧ / ٢٤٦ والإنصاف ٥٧ و ٥٨ واللسان : «خ ض ع».
(٧) معالم التنزيل للبغوي ٥ / ٢٧٢ و ٢٧٣.
(٨) انظر : المجاز ٢ / ١٤٠ فقد قال : ويقال : أنى لك أن تفعل يأني أنيا ، والاسم : إنّى ، وأنى أبلغ. وانظر أيضا اللّسان (أني) ص ١٦٠ و ١٦١.
(٩) لم أجدها منسوبة إليه إلا في البحر ٧ / ٢٤٦ وانظر شواذ القرآن ١٩٥ فقد نسبها إليه أيضا وزاد بالجرّ يعني بالقراءة هذه قراءة الهمز.
(١٠) انظر : معالم التنزيل للبغوي ٥ / ٢٧٢.