أطعنا السادة بدل طاعة الله وطاعة الرسول (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا). (رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً)(١) قرأ عاصم «كبيرا» ـ بالباء الموحدة ـ والباقون بالمثلثة وتقدم معناهما في البقرة (٢) ، والمراد بضعفين من العذاب أي ضعفي عذاب غيرهم.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً (٦٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (٧١) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (٧٢) لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)(٧٣)
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى) الآية لما بين أن من يؤذي الله ورسوله يلعن ويعذب ، وكان ذلك إشارة إلى أن الإيذاء كفر أرشد المؤمنين إلى الامتناع من الإيذاء الذي هو دونه وهو لا يورث كفرا وهو من لم يرض بقسمة النبي عليه (الصلاة و) السلام وبحكمه (بالفيء لبعض) فقال : لا تكونوا كالذين آذوا موسى قال بعضهم : إيذاؤهم لموسى بنسبة عيب في بدنه ، وقيل : إن قارون قال لامرأة : قولي إن موسى قد وقع في فاحشة والإيذاء المذكور في القرآن كاف وهو قولهم : «اذهب (أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا) وقولهم : (لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ) إلى غير ذلك فقال للمؤمنين : لا تكونوا أمثالهم إذا طلبكم الرسول للقتال لا تقولوا اذهب أنت وربك فقاتلا وإذا أمركم الرسول بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وقوله : (فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا) على الأول ظاهر لأنه أبرز جسمه لقومه فرأوه وعلموا فساد اعتقادهم ونطقت المرأة بالحق وأمر ملائكته حتى عبروا بهارون عليهم فرأوه غير مجروح فعلموا براءة موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ عن ما رموه به وعلى الثاني فبرأه الله مما قالوا أي أخرجه عن عهدة ما طلبوا بإعطائه البعض إياهم وإظهاره عدم جواز البعض وقطع حججهم ثم ضرب عليهم الذّلّة والمسكنة وغضب عليهم (٣).
قوله : (عِنْدَ اللهِ) العامة على «عند» الظرفية المجازية ، وابن مسعود والأعمش وأبو حيوة «عبدا» من (٤) العبودية «لله» جار ومجرور وهي حسنة قال ابن خالويه
__________________
(١) انظر : تفسير الإمام الفخر الرازي ٢٣٢ و ٢٣٣.
(٢) عند الآية : «قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما» وهي الآية ٢١٩.
(٣) الإمام الفخر الرازي ٢٥ / ٢٣٣.
(٤) المختصر لابن خالويه ١٢٠ والمحتسب ٢ / ١٨٥ والقرطبي ١٤ / ٢٥٠ والبحر ٧ / ٢٥٣.