بِمُعَذَّبِينَ) أظهروا بذلك تقوية نفوسهم فيما تمسكوا به من إنكار المعاد ، فعند هذا بين الله تعالى أنه أهلكهم ، وقد سبق بيان كيفية الهلاك (١).
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٤٢) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٤٣) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٤٤) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٤٥) أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ (١٤٨) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ (١٤٩) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠) وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (١٥٢) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣) ما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٥٤) قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥) وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥٦) فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٥٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (١٥٩)
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ) تقدم نظيره (٢).
وقوله : (أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا) أي : أتظنون أنكم تتركون](٣) في دياركم «آمنين» وتطعمون في أنه لا دار [للمجازاة](٤)(٥).
وقوله : (فِي ما هاهُنا) أي : في (٦) الذي استقر في هذا المكان من النعيم ، ثم فسّره [بقوله: (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)](٧)(٨).
قوله : (فِي جَنَّاتٍ) بدل من (فِي ما هاهُنا)(٩) بإعادة العامل (١٠) ، فصّل بعدما أجمل كما في القصة قبلها (١١) ، و «ما» موصولة وظرف المكان (١٢) صلتها (١٣).
قوله : (وَنَخْلٍ) يجوز أن يكون من باب ذكر الخاص بعد العام ، لأن الجنات تشمل النخل. ويجوز (١٤) أن يكون تكريرا للشيء الواحد بلفظ آخر ، فإنهم يطلقون الجنة ولا يريدون إلا النخل (١٥) ، قال زهير :
__________________
(١) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٥٨.
(٢) في فاتحة قصة نوح.
(٣) ما بين القوسين سقط من ب.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٥٩.
(٥) ما بين القوسين في الأصل : للمحاجاة.
(٦) في : سقط من ب.
(٧) انظر الكشاف ٣ / ١٢٢ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٥٩.
(٨) ما بين القوسين تكملة من الكشاف والفخر الرازي.
(٩) في ب : فيما تفريعا.
(١٠) انظر التبيان ٢ / ٩٩٩ ، البحر المحيط ٧ / ٣٤.
(١١) أي : كما أجمل هود ـ عليهالسلام ـ في قوله : «أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ» ثم فصّل في قوله : «أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ». انظر الكشاف ٣ / ١٢٢ ، البحر المحيط ٧ / ٣٤.
(١٢) في الأصل : العامل.
(١٣) انظر البحر المحيط ٧ / ٣٤.
(١٤) ويجوز : سقط من ب.
(١٥) انظر الكشاف ٣ / ١٢٢ ، البحر المحيط ٧ / ٣٤.