تَمَسُّوها بِسُوءٍ) بعقر أو ضرب أو غيرهما (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ). روي أن مسطعا (١) ألجأها إلى مضيق فرماها بسهم ، فسقطت ، ثم ضربها قدار (٢). (فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ) على عقرها. فإن قيل : لم أخذهم العذاب وقد ندموا؟ فالجواب : أن ندمهم كان عند معاينة العذاب حين لا ينفع الندم. وقيل : لم يكن ندمهم ندم [التائبين ، لكن ندم](٣) [الخائفين](٤) من العقاب العاجل(٥). (أَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ).
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (١٦٠) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٦١) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٦٢) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٦٣) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٤) أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ (١٦٦) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (١٦٧) قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ (١٦٨) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (١٦٩) فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٧٠) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٧١) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٧٢) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٣) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ)(١٧٤) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (١٧٥)
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ) الآيات.
قوله : (مِنَ الْعالَمِينَ). يحتمل عوده إلى الآتي ، أي : أنتم من جملة العالمين مخصوصون بهذه الصفة ، وهي إتيان الذكران. [ويحتمل عوده إلى المأتى ، أي : أنتم اخترتم الذكران](٦) من العالمين لا الإناث (٧) منهم (٨).
قوله : (مِنْ أَزْواجِكُمْ). يصلح أن يكون تبيينا ، وأن يكون للتبعيض ، ويراد بما خلق العضو المباح منهن ، وكانوا يفعلون مثل ذلك بنسائهم (٩). (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ). معتدون مجاوزون الحلال إلى الحرام ، والعادي : المعتدي في ظلمه.
والمعنى : أتركبون هذه المعصية على عظمها (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ) في جميع المعاصي(١٠)(قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ) أي : من جملة من أخرجناه من بلدنا ، ولعلهم كانوا يخرجون من أخرجوه على أسوأ الأحوال (١١).
__________________
(١) في الفخر الرازي : مصدعا.
(٢) انظر الكشاف ٣ / ١٢٣ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٦٠.
(٣) ما بين القوسين تكملة من الفخر الرازي.
(٤) في النسختين : الخائف.
(٥) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٦٠.
(٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(٧) في ب : إلا الإناث. وهو تحريف.
(٨) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٦١.
(٩) انظر الكشاف ٣ / ١٢٣ ـ ١٢٤ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٦١.
(١٠) المرجعان السابقان.
(١١) انظر الكشاف ٣ / ١٢٤ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٦١.