قوله تعالى : (وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ)(١١)
قوله تعالى : (وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى) الآية. العامل في (إِذْ نادى) مضمر ، فقدره الزجاج : اتل (١). وقدره غيره (٢). اذكر. واختلف (٣) في النداء الذي سمعه موسى ـ عليهالسلام (٤) ـ من الله تعالى ، فقيل (٥) : هو الكلام القديم ، فكما أن ذاته تعالى لا تشبه سائر الذوات مع أن (٦) الدليل دل على أنها معلومة ومرتبة ، فكذا كلامه منزه عن مشابهة الحرف والصوت مع أنه مسموع (٧) وقيل (٨) : كان نداء من جنس الحروف والأصوات (٩).
وقالت المعتزلة : كان ذلك النداء حروفا وأصواتا علم به موسى من قبل الله تعالى فصار معجزا ، علم به موسى أن الله تعالى مخاطب له فلم يحتج مع ذلك إلى واسطة (١٠).
قوله : (أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ). يجوز أن تكون «أن» مفسرة ، وأن تكون مصدرية ، أي : بأن (١١). قوله : (قَوْمَ فِرْعَوْنَ). بدل (١٢) أو عطف بيان ل (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(١٣). وقال أبو البقاء : إنه مفعول (تتقون) على قراءة من قرأ (تتقون) بالخطاب وفتح النون (١٤) ، كما سيأتي. ويجوز على هذه القراءة أن يكون منادى (١٥). قوله : (أَلا يَتَّقُونَ). العامة على الياء في «يتقون» وفتح النون ، والمراد قوم فرعون ، والمفعول محذوف ، أي : يتقون عقابي ، [وقرأ عبد الله بن مسلم بن يسار ، وحماد (١٦) ، وشقيق بن سلمة (١٧) بالتاء من فوق (١٨)
__________________
(١) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٨٤.
(٢) وهو أبو البقاء فإنه قال : (قوله تعالى : «وَإِذْ نادى» ، أي : واذكر إذ نادى التبيان ٢ / ٩٩٤.
(٣) أي اختلف أهل السنة.
(٤) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٥) هو قول أبي الحسن الأشعري.
(٦) في ب : أنها.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٢١.
(٨) هو قول أبي منصور الماتريدي.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٢١.
(١٠) المرجع السابق.
(١١) انظر تفسير ابن عطية ١١ / ٩٣ ، التبيان ٢ / ٩٩٤.
(١٢) انظر التبيان ٢ / ٩٩٤ ، القرطبي ١٣ / ٩١.
(١٣) انظر الكشاف ٣ / ١٠٨.
(١٤) حكاه أبو البقاء ، فإنه قال : (وقيل : هو مفعول «يتقون») التبيان ٢ / ٩٩٤.
(١٥) المرجع السابق.
(١٦) هو حماد بن سلمة بن دينار أبو سلمة البصري ، الإمام الكبير ، روى عن عاصم ، وابن كثير ، وروى عنه حجاج بن المنهال ، وغيره ، مات سنة ١٦٧ ه. طبقات القراء ١ / ٢٥٨.
(١٧) هو شقيق بن سلمة أبو وائل الكوفي الأسدي ، أدرك زمن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم عرض على عبد الله بن مسعود ، وروى عنه الأعمش. مات سنة ٨٢ ه. طبقات القراء ١ / ٣٢٨.
(١٨) أي : «تتقون» ، وخرجها ابن جني على إضمار قول ، أي : قل لهم : ألا تتقون. انظر المحتسب ٢ / ١٢٧ ، وتفسير ابن عطية ١١ / ٩٣ ، البحر المحيط ٧ / ٧.