قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٩٧) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٢٠١) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ)(٢٠٤)
قوله : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً). قرأ ابن عامر (١) «تكن» بالتاء من فوقه «آية» بالرفع. والباقون «يكن» بالياء من تحت «آية» بالنصب (٢). وابن عباس : «تكن» بالتاء من فوق «آية» بالنصب (٣). فأما قراءة ابن عامر فتكون يحتمل أن تكون تامة ، وأن تكون ناقصة. فإن كانت تامة جاز أن يكون «لهم» متعلقا بها ، و «آية» فاعلا بها ، و (أَنْ يَعْلَمَهُ) إما بدل من «آية» وإما خبر مبتدأ مضمر ، أي : أو لم تحدث لهم علامة علم علماء بني إسرائيل (٤). وإن كانت ناقصة جاز فيها أربعة أوجه :
أحدها : أن يكون اسمها مضمرا فيها بمعنى (٥) القصة ، و (آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ) جملة قدم فيها الخبر واقعة موقع خبر «تكن» (٦).
الثاني : أن يكون اسمها ضمير القصة أيضا و «لهم» خبر مقدم ، و «آية» مبتدأ مؤخر ، والجملة خبر «تكن» ، و (أَنْ يَعْلَمَهُ) إما بدل من «آية» (٧) وإما خبر مبتدأ مضمر ، أي : هي أن يعلمه.
الثالث : أن يكون «لهم» خبر «تكن» مقدما على اسمها ، و «آية» اسمها ، و (أَنْ يَعْلَمَهُ) على الوجهين المتقدمين : البدلية ، وخبر ابتداء مضمر (٨).
الرابع : أن تكون «آية» اسمها ، و (أَنْ يَعْلَمَهُ) خبرها. وقد اعترض هذا بأنه يلزم جعل الاسم نكرة والخبر معرفة (٩) وقد نص بعضهم على أنه ضرورة (١٠) كقوله :
__________________
(١) في ب : ابن عباس. وهو تحريف.
(٢) السبعة (٤٧٣) ، الكشف ٢ / ١٥٢ ، النشر ٢ / ٣٣٦ ، الإتحاف (٣٣٤).
(٣) البحر المحيط ٧ / ٤١.
(٤) انظر التبيان ٢ / ١٠٠١.
(٥) في ب : يعني.
(٦) انظر الكشاف ٣ / ١٢٧ ، البيان ٢ / ٢١٦ ، التبيان ٢ / ١٠٠١.
(٧) انظر الكشاف ٣ / ١٢٧.
(٨) انظر التبيان ٢ / ١٠٠١.
(٩) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ١٠١ والكشاف ٣ / ١٢٧.
(١٠) أي : أن وقوع الاسم نكرة والخبر معرفة إنما هو ضرورة في الشعر ، قال المبرد : (واعلم أن الشعراء يضطرون فيجعلون الاسم نكرة والخبر معرفة ، وإنما حملهم على ذلك معرفتهم أن الاسم والخبر يرجعان إلى شيء واحد ، فمن ذلك قول حسان :
كأنّ سلافة من بيت راس |
|
يكون مزاجها عسل وماء) |
المقتضب ٤ / ٩١ ـ ٩٢.