وكتبوا في الرسم الكريم : «علمواء» بواو بين الميم والألف (١). قيل : هو على لغة من يميل الألف نحو الواو ، وهذا كما فعل في «الصّلوة والزّكوة» (٢).
فصل
المعنى : أو لم يكن لهؤلاء المنكرين علم بني إسرائيل علامة ودلالة على نبوة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لأنّ العلماء الذين كانوا من بني إسرائيل كانوا يخبرون بوجود ذكره في كتبهم ، كعبد الله بن سلام ، وابن يامين ، وثعلبة ، وأسد ، وأسيد (٣). قال ابن عباس : بعث أهل مكة إلى اليهود بالمدينة فسألوهم عن محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقالوا : إنّ هذا لزمانه (٤) ، وإنا لنجد في التوراة نعته وصفته ، فكان ذلك آية على صدقه (٥).
قوله : (وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ). قال صاحب التحرير : الأعجمين : جمع أعجمي بالتخفيف ، ولو لا هذا التقدير لم يجز أن يجمع جمع سلامة (٦).
قال شهاب الدين : وكأنّ سبب منع جمعه أنه من باب : أفعل فعلاء ، ك «أحمر حمراء». والبصريون لا يجيزون جمعه جمع سلامة إلّا ضرورة ، كقوله :
٣٩٢٨ ـ حلائل أسودين وأحمرينا (٧)
فلذلك (٨) قدره منسوبا مخفف الياء (٩). وقد جعله ابن عطية «أعجم» فقال : الأعجمون : جمع أعجم ، وهو الذي لا يفصح وإن كان عربي النسب يقال له : أعجم ، وذلك يقال للحيوانات ، ومنه قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «العجماء جبار» (١٠). وأسند الطّبريّ عن
__________________
(١) في ب : وألف.
(٢) انظر الكشاف ٣ / ١٢٧ ، البحر المحيط ٧ / ٤١.
(٣) انظر البغوي ٦ / ٣٤٠ ، ٣٤١.
(٤) في ب : الزمانه. وهو تحريف.
(٥) انظر البغوي ٦ / ٢٤٠.
(٦) انظر البحر المحيط ٧ / ٤١.
(٧) عجز بيت من بحر الوافر ، قاله حكيم الأعور بن عياش الكلابي. وصدره :
فما وجدت بنات بني نزار
وهو في المقرب (٤٠٣) منسوبا إلى الكميت ، وديوان الكميت ٢ / ١١٦ ، ابن يعيش ٥ / ٦٠ ، الهمع ١ / ٤٥ ، الأشموني ١ / ٨١ ، الخزانة ١ / ١٧٨ ، ٨ / ١٨ ، شرح شواهد الشافية ٤ / ١٤٣ ، الدرر ١ / ١٩.
الحلائل : جمع حليل ـ بالحاء المهملة ـ : الزوج ، والحليلة : الزوجة. والشاهد فيه قوله : (أسودين وأحمرين) حيث جمع (أسود ، وأحمر) جمع المذكر السالم ، وذلك شاذ لضرورة الشعر ، فإن كل صفة لا تلحقها التاء فكأنها من قبيل الأسماء ، ولهذا لم يجمع على هذا الجمع (أفعل فعلاء) ، ولا (فعلان فعلى) ، وأجاز ابن كيسان : أحمرون وسكرانون ، واستدل بهذا البيت ، وهو عند غيره شاذ.
(٨) في ب : فكذلك. وهو تحريف.
(٩) الدر المصون ٥ / ١٦٩.
(١٠) في ب : (جرح العجماء جبار). أخرجه البخاري (الديات) ٤ / ١٩٣ ـ ١٩٤ ، مسلم (الحدود) ٣ / ١٣٣٤ ـ ١٣٣٥ ، أبو داود (الديات) ٤ / ٧١٥ ـ ٧١٦ ، الترمذي (الزكاة) ٢ / ٧٧ ، النسائي (الزكاة) ٥ / ٤٥ ، ابن ماجه (الديات) ٢ / ٨٩١ الموطأ (العقول) ٢ / ٨٦٩ ، أحمد ٢ / ٢٢٨ ، ٢٣٩ ، ٥ / ٣٢٦.
العجماء : البهيمة من الأنعام وغيرها ، الجبار : هو الهدر الذي لا يغرم. وانظر غريب الحديث لابن الأثير ٣ / ١٨٧.