(أفعل فعلاء) (١). وقرأ الحسن وابن مقسم : «الأعجميّين» (٢) بياء (٣) النسب (٤) ـ وهي مؤيدة لتخفيفه منه في قراءة العامة.
فصل
قوله (٥)(وَلَوْ نَزَّلْناهُ) يعني : القرآن على رجل ليس بعربي (٦) اللسان (فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ) بغير لغة العرب (ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) وقالوا ما نفقه قولك ، وجعلوه عذرا لجحودهم ، ونظيره : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ) [فصلت : ٤٤].
وقيل : معناه : ولو أنزلناه (٧) على رجل ليس من العرب لما آمنوا به أنفة من اتباعه (٨).
قوله : (كَذلِكَ سَلَكْناهُ) أي : قيل ذلك (٩) ، أو الأمر كذلك (١٠). والضمير في «سلكناه» عائد على القرآن ، وهو الظاهر (١١) ، أي : سلكناه في قلوب المجرمين (كما سلكناه في قلوب المؤمنين) (١٢) ، ومع ذلك لم ينجع (١٣) فيهم. وقال ابن عباس والحسن ومجاهد : أدخلنا الشرك والتكذيب في قلوب المجرمين (١٤).
وهذه الآية تدل على أنّ الكل بقضاء الله وخلقه. قال الزمخشري : أراد به أنه صار ذلك التكذيب متمكنا في قلوبهم أشدّ التمكن ، فصار ذلك كالشيء الجبلّي (١٥).
والجواب : أنه إما أن يكون قد فعل الله تعالى فيهم ما يقتضي الترجيح أم لا ، فإن كان الأول فقد دللنا (١٦) في سورة الأنعام على أنّ الترجيح لا يتحقق ما لم يثب (١٧) إلى حد الوجوب ، وحينئذ يحصل المقصود ، وإن لم يفعل فيهم ما يقتضي الترجيح البتة امتنع قوله : (كَذلِكَ سَلَكْناهُ)(١٨).
__________________
(١) الدر المصون ٥ / ١٦٩.
(٢) في ب : الأعجمين.
(٣) في ب : بياي.
(٤) المختصر (١٠٧) ، المحتسب ٢ / ١٣٢ ، البحر المحيط ٧ / ٤٢ ، الإتحاف (٣٣٤).
(٥) قوله : سقط من الأصل.
(٦) في ب : يعرف.
(٧) في الأصل : أنزلنا.
(٨) انظر البغوي ٦ / ٢٤١.
(٩) فتكون الكاف صفة لمصدر محذوف ، أي : سلوكا مثل. التبيان ٢ / ٧٧٧.
(١٠) فتكون الكاف في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف. المرجع السابق.
(١١) انظر البحر المحيط ٧ / ٤٢.
(١٢) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٣) في اللسان (نجع) : نجع فيه القول والخطاب والوعظ : عمل فيه ودخل وأثر.
(١٤) انظر البغوي ٦ / ٢٤١ ـ ٢٤٢.
(١٥) نص عبارة الزمخشري : (فإن قلت : كيف أسند السلك بصفة التكذيب إلى ذاته. قلت : أراد به الدلالة على تمكنه مكذبا في قلوبهم أشد التمكن وأثبته فجعله بمنزلة أمر قد جبلوا عليه وفطروا) الكشاف ٣ / ١٢٨ ، وابن عادل تبع ابن الخطيب في النقل عن الزمخشري ، فقد نقلا معنى كلامه.
(١٦) في ب : قدمنا.
(١٧) يثب : سقط من ب.
(١٨) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٧٠.