على الالتفات ، خاطبهم بذلك توبيخا](١)(٢) والتقدير : يا قوم فرعون (٣).
وقرأ بعضهم : «يتّقون» بالياء من تحت ، وكسر النون (٤) ، وفيها تخريجان :
أحدهما : أن «يتّقون» مضارع ، ومفعوله ياء المتكلم اجتزىء عنها بالكسرة (٥).
والثاني : جوّزه الزمخشري ، أن تكون «يا» للنداء ، و «اتّقون» فعل أمر ، كقوله : «ألا يا اسجدوا» (٦) أي : يا قوم اتقون ، أو يا ناس اتقون (٧). وسيأتي تحقيق مثل هذا في السورة تحتها (٨). وهذا تخريج بعيد (٩).
وفي هذه الجملة وجهان :
أحدهما : أنها مستأنفة لا محل لها من الإعراب (١٠).
وجوّز الزمخشري أن تكون حالا من الضمير في «الظّالمين» أي : يظلمون غير متّقين الله وعقابه ، فأدخلت همزة الإنكار على الحال (١١). وخطأه أبو حيان من وجهين :
أحدهما : أنه يلزم عنه الفصل بين الحال وعاملها بأجنبي منهما ، فإن أعرب (قَوْمَ فِرْعَوْنَ) عطف بيان ل (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
والثاني : أنه على تقدير تسليم ذلك لا يجوز أيضا ؛ لأن ما بعد الهمزة لا يعمل فيما قبلها ، قال: وقولك : (جئت أمسرعا) (١٢) ، إن جعلت (مسرعا) معمولا ل (جئت) لم يجز ، فإن أضمرت عاملا جاز (١٣). والظاهر أن «ألا» للعرض (١٤).
وقال الزمخشري : إنها (لا) النافية ، دخلت عليها همزة الإنكار (١٥). وقيل : هي للتنبيه(١٦).
__________________
(١) انظر الكشاف ٣ / ١٠٨ ، البحر المحيط ٧ / ٧.
(٢) ما بين القوسين تكملة من الدر المصون ٥ / ١٥١.
(٣) انظر التبيان ٢ / ٩٩٤.
(٤) قال ابن خالويه :(«أَلا يَتَّقُونَ» بكسر النون أجازه عيسى) المختصر (١٠٦).
(٥) قال الزمخشري : قرىء «ألا يتقون» بكسر النون ، بمعنى : ألا يتقونني. فحذفت النون ، لاجتماع النونين ، والياء للاكتفاء بالكسرة) الكشاف ٣ / ١٠٨.
(٦) في ب : «أَلَّا يَسْجُدُوا» [النمل : ٢٥] ، وما في الأصل قراءة الكسائي ، وما في ب : قراءة الباقين.
(٧) قال الزمخشري : وفي «أَلا يَتَّقُونَ» بالياء وكسر النون وجه آخر وهو أن يكون المعنى : ألا يا ناس اتقون ، كقوله : «أَلَّا يَسْجُدُوا». الكشاف ٣ / ١٠٨.
(٨) أي : في السورة التي بعدها ، وهي سورة النمل.
(٩) قال أبو حيان : (وهو تخريج بعيد والظاهر أن (ألا) للعرض المضمن الحضّ على التقوى) البحر المحيط ٧ / ٧.
(١٠) انظر الكشاف ٣ / ١٠٨.
(١١) المرجع السابق.
(١٢) في النسختين : جئت مسرعا. والتصويب من البحر المحيط.
(١٣) انظر البحر المحيط ٧ / ٧.
(١٤) هو قول أبي حيان. البحر المحيط ٧ / ٧.
(١٥) تابع ابن عادل هنا أبا حيان في النقل عن الزمخشري ، وعبارة الزمخشري هي : (ويحتمل أن يكون «لا يَتَّقُونَ» حالا من الضمير في «الظالمين» أي : يظلمون غير متقين الله وعقابه ، فأدخلت همزة الإنكار على الحال) الكشاف ٣ / ١٠٨.
(١٦) فيكون المعنى : قل لهم : ألا تتقون. انظر القرطبي ٩١١٣. وقال أبو حيان : (وقول من قال : إنها للتنبيه لا يصح) البحر المحيط ٧ / ٧.